الأسرار المخفية لأعماق البحار
الخليج العربي قد يحمل سر إنقاذ الشعاب المرجانية من آثار التغير المناخي
تضم منطقة شبه الجزيرة العربية نظاماً حيوياً للشعاب المرجانية يعد من النظم الأكثر تفرداً، وفي الوقت ذاته الأقل دراسةً، على كوكب الأرض. وتتميز الشعاب المرجانية في الخليج العربي بقدرتها على تحمل أقصى درجات الحرارة البحرية، متفوقة بذلك على كافة أنواع المرجان التي تعيش في مناطق أخرى من الأرض.
ومع ذلك، فإن قلة فقط من الدراسات حاولت تسليط الضوء على الآليات الجزيئية التي تسمح للشعاب المرجانية بمواصلة الحياة وسط هذه الظروف بالغة القسوة. وحالياً، يعكف فريق مختبر الأحياء البحرية في جامعة نيويورك أبوظبي على دراسة المادة الوراثية لإيجاد الإجابة على هذا السؤال؛ وقد يكون من شأن المعلومات التي يكتشفها الفريق أن تقدم رؤىً هامةً حول الشعاب المرجانية التي تعيش في مناطق أخرى من العالم، والمهددة بارتفاع درجات حرارة المياه البحرية، والتي بدورها تعدّ أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية. وتُعدّ هذه الدراسة المقارنة، التي تشمل الخليج العربي وخليج عُمان المجاور، إحدى الأبحاث القليلة التي ركزت على الصفات الجينية لكل من المرجان وشريكه في التعايش الحيوي، وهو طحلب يعيش ضمن النسيج المرجاني.
ووفقاً للعلماء، يحمل هذا الطحلب أهمية بالغة لأنه يشكل المصدر لأكثر من 90% من الطاقة بالنسبة للمرجان. وحول هذه الدراسة، يقول إدوارد سميث، باحث مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة نيويورك أبوظبي: زيمكننا من خلال دراسة المرجان وشركائه من الطحالب أن نفهم بشكل أفضل ما إذا كان أحدهما فقط أو كلاهما يحمل السر في التحمل الحراري الكبير الذي يتميز به المرجان في الخليج العربيس. كما تهدف الدراسة إلى معرفة ما إذا كان هناك تبادل جيني بين الشعاب المرجانية في مختلف أنحاء المنطقة.
وقد شملت الدراسة تحليل الحمض النووي لكائنات مرجانية تم جمعها من الخليج العربي بالقرب من أبوظبي، ومقارنتها بأخرى من مواقع في خليج عُمان قرب الفجيرة ومسقط - حيث معدل درجة حرارة المياه البحرية أقل بخمس درجات. واستخدم العلماء متتاليات من الحمض النووي لدراسة الشعاب المرجانية بشكل فردي وضمن مجموعات، ليكتشفوا فروقات هامة, وفقاً لوصف سميث، وتحديداً أن الكائنات المرجانية وشريكتها من الطحالب في الخليج العربي تتميز عن نظيرتها في خليج عُمان من حيث المادة الوراثية. كما أوضح سميث أن محدودية تبادل الجينات بين المنطقتين تدل على أن المرجان في الخليج العربي قد تكيّف مع الشروط القاسية التي يعيش فيها.
تشكل هذه المجموعة الحيوية المتكيفة مورداً علمياً هاماً زسيساعدنا على فهم الآليات التي تدخل في عملية التكيف الحراري، وتتيح لنا أن نتنبأ على نحو أدق بقدرة احتمال المرجان في مناطق أخرى من العالم على التكيف مع التغير المناخيس.