شهد حموي

"عندما أخبرت جدتي أنني أدرس فن السينما في جامعة نيويورك أبوظبي، سألتني فوراً إن كنت سأسافر إلى هوليوود. كنت أعلم، منذ البداية، أن طريقي مختلف تماماً. ما يميّز الفنون الحرة، خاصة في جامعة نيويورك أبوظبي، هو أنها تشجّعك على توسيع آفاقك. لم يكن تخصصي مجرد صناعة الأفلام، بل كان يتعلق بفهم العالم، وصياغة قصص هادفة، واستكشاف تداخل الفن مع التأثير.

وقد واجهت بعضاً من أهم المواقف خارج قاعات الدراسة، فقد عرّضتني الدراسة في الخارج والمشاركة في الرحلات الدولية لمجموعات يعتبرون أن دورهم هو التأثير بهدف تحقيق التغيير، مثلي تماماً. لقد كانت الدراسة تجربة ملهمة وغنيّة، تواصلت فيها مع أشخاص يفكرون على نطاق عالمي، لكنهم يعملون محلياً، مما ألهمني لدراسة تلك المبادئ بهدف تطبيقها في أبوظبي.

بعد التخرج، اعتمدت إلى حد بعيد على بناء العلاقات وإرسال طلبات التوظيف لشق طريقي. إنها مسألة وقت- فقد يوافيك الحظ من حيث لا تدري. لقد تعلمت أهمية التفاعل مع القطاع: حضور الفعاليات، افتتاح المعارض، وعروض الأفلام؛ عليك التحدث مع الجميع، والأهم من ذلك، الإلمام بمجالك وما يميزك فيه.

اليوم، أنا محظوظة كوني أعمل في دور يدعم المواهب والتوجهات الفنية المحلية، مما يضع أبوظبي على الخريطة بطريقة تبرز الأصالة والثراء الثقافي. يسمح لي عملي باستكشاف الأهمية الاجتماعية والسياسية للثقافة من خلال دعم الأصوات التي تنفرد بها منطقتنا.

كفنانة، قد تبدو كلمة "مهنة" مخيفة، لكنني تعلمت أن أتعامل مع المجهول. خلال سنتي الأخيرة وبعد التخرج، طوّرت منظمة غير حكومية أطلقت خلال فعاليات مؤتمر الأطراف COP28، مما وضع الفنون في مقدمة العمل المناخي. بعد ذلك، انضممت إلى منارة السعديات، حيث ركّزت على مبادرات الشباب مثل مهرجانات الأفلام وإقامات التصوير الفوتوغرافي. الآن، في بيت الحرفيين، أعمل على استراتيجيات لدعم الحرف الإماراتية الأصيلة، حرصاً على التواصل بين الأجيال عبر الفنون الجميلة. لا أهتم كثيراً للاستقرار الوظيفي، فأنا لا أريد أن أشغل نفس الوظيفة لعشر سنين. إننا الفنانون نتقبّل التغيير وهو نوع من الحرية في الواقع.
وبما أنني نشأت في أبوظبي، فهناك شعور ما يدفعني إلى السفر والتنقل كما فعل زملائي، ولكن هويتي قد تأثرت بطبيعة المكون الطلابي العالمي، تماماً كما تعمّق ارتباطي بمدينتي وحبي لها.

قد تمر علي لحظات أفكر فيها بالسفر بعيداً لاستغلال فرص في الخارج، لكنني ملتزمة بأهدافي: بناء المتاحف وتقييم المعارض ودعم الفنانين والمساهمة في تشكيل ثقافة المستقبل لهذه المدينة. أن الوطن لا يقيدنا، بل هو أساس ونقطة انطلاق. أعيش على مسافة 40 كيلومتراً عن مسقط رأسي، ولكنني أعلم أنني قطعت مسافة أكبر من ذلك بكثير".