ويسعى العمل الفائز، بعنوان «شهيق»، إلى التقاط معاني الحكمة من أشجار القرم (المانغروف) التي ترسم ملامح الطبيعة الإماراتية، في خطوة تحاول تشجيع المتلقّي على اعتماد أنماط تفكير تدعم ممارسات الحفاظ على البيئة والحلول التي تم اتخاذها في هذا المجال، وتسليط الضوء على الأفكار الإيجابية التي تحد من تدهور المشهد البيئي وتساهم في استعادة جمال الطبيعة من جديد.

من جهتها، أشارت سعادة هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، إلى أن جائزة كريستو وجان-كلود في دورتها الحادية عشرة، تجدد التزام المجموعة بالشراكة مع جامعة نيويورك أبوظبي، وبرعاية كريمة من سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، بالاستثمار في الشباب ورعاية الجيل القادم من الفنانين التشكيليين وإيصال صوتهم وإبراز بصمتهم المتميزة في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وقالت سعادتها: "تتيح الجائزة للمواهب الجديدة تصميم أعمالهم الفنية بدءاً من الفكرة الأولى وصولاً إلى إنجاز العمل الفني وعرضه للجمهور، مروراً بمساق مهني بإشراف المختصين في الفنون والأكاديميين".

وتابعت: "يبدع التشكيليون الشباب الفائزون بجائزة كريستو وجان-كلود لهذا العام، مجد علوش وفيفي تشو من جامعة نيويورك أبوظبي، وحلا العبورة من جامعة الشارقة، عملهم الفني، استلهاماً لرمزية شجرة القرم (المانغروف) وأهميتها كوعاء يحبس انبعاثات الكربون، وحكمة ارتباطها الأصيل بالبيئة الإماراتية واحتمالها الظروف الطبيعية وملوحة المياه، في إشارة إلى ثراء المكان الإماراتي بالحلول المناخية وبدائل الطاقة النظيفة، وإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد في التعامل الرؤوف مع الطبيعة ومكوناتها، وذلك قبيل استضافة الدولة للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP28".

وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت مايا أليسون، المديرة التنفيذية لرواق الفن ورئيسة القيّمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي: "تواصل المواهب الشابة في دولة الإمارات تقديم إبداعات استثنائية تدفعنا إلى الوقوف أمامها بكل احترام وفخر. ولنا في «شهيق» خير مثال على الموهبة العبقرية التي يحملها هؤلاء المبدعون. وتأتي جائزة كريستو وجان-كلود، التي تأسست لدعم الجيل التالي من الفنانين في دولة الإمارات، لتمنحهم فرصة التعبير عن رؤيتهم وأفكارهم، لا سيما في موضوع التغير المناخي والحاجة الماسة إلى بناء مستقبل مستدام. ونجح الفنانون الفائزون في توظيف أشجار القرم وبيئة الغابات وتحويلها إلى رمز للتجديد والتناغم في الطبيعة مع إمكانيات العيش المستدام".

وأضافت أليسون،: "نفخر كمؤسسة بتوظيف الفن كأداة لتقديم أعمال تركّز في جوهرها على موضوع الاستدامة، مثل هذا المجسّم الفني والمعرض المتواصل في رواق الفن بعنوان «المتغير الثابت»، والذي يستكشف مستقبل الطبيعة بعدسة الفن. وتعكس تلك الصورة اهتمامنا الكبير بالبيئة، كما تتماشى مع مذكرة التفاهم الموقعة بين جامعة نيويورك أبوظبي ومؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، بهدف تعزيز التعاون لتفعيل مشاركة الشباب ونشر التوعية العامة حول الممارسات البيئية والمناخ. وفي هذا السياق، يتحدث «شهيق» عن مخاوف الجيل الشاب وقلقهم إزاء المخاطر التي تهدد كوكبنا، كما يعكس الاهتمام والوعي البيئي المتجذر في ثقافة المنطقة".

ومن جانبها، صرّحت إيميلي دوهيرتي، مديرة جائزة كريستو وجان-كلود: "تُعدّ جائزة كريستو وجان-كلود، التي يعود تاريخها إلى 11 عاماً، من أعرق الجوائز الفنية المحلية وأكثرها تميزاً على صعيد دعم الفنانين الناشئين في المنطقة. ويخوض الثلاثي الفائز لدينا هذا العام تجربة إنتاج تستمر لثمانية أشهر بدعم من فريق رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي وتحت إشراف أستاذ الفنون ديل هدسون. ويُعدّ «شهيق» واحداً من الإبداعات اللافتة بالنسبة لنا، فهو يعكس مسار تطور جائزة كريستو وجان-كلود نحو إنتاج أعمال مدروسة وناضجة من توقيع مواهب صاعدة تحاول تكريس جهودها لاحتراف الفن. وأود أن أهنئهم جميعاً على هذه التحفة الرائعة".

وتمكّنت المواهب التي قدّمت «شهيق» من اجتياز أولى خطواتها على طريق الاحتراف وبداية مسيرة إبداعية ناجحة في عالم الفنون، حيث شاركت فيفي تشو في بينالي شنغهاي وعرضت أعمالها في دبي، بينما تواجدت إبداعات حلا العبورة في معارض متنوعة على امتداد الولايات المتحدة وكندا والشارقة. أمّا مجد علوش، فيتابع مشواره اليوم لنيل شهادة ماجستير الفنون الجميلة في الفن والإعلام من جامعة نيويورك أبوظبي.

وحصل الفنانون الفائزون بجائزة كريستو وجان-كلود 2023 على 10 آلاف دولار أمريكي لاستكمال عملهم الفني تحت إشراف وتوجيه نخبة من الخبراء، بمن فيهم إيميلي دوهيرتي مديرة الجائزة وفريق عمل رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي والهيئة التدريسية في الجامعة. 

وبدوره، قال ديل هدسون، الأستاذ المشارك والمتخصص في السينما والإعلام الجديد والمشرف على الطلاب في جامعة نيويورك أبوظبي: "قدم الثلاثي الفائز بالجائزة مثالاً يُحتذى عن التشاركية بين الطلاب والفنانين ودورها في توظيف المعرفة المحلية وتأكيد أهميتها كمصدر بديل عن المعلومات المغلوطة التي تم تداولها عالمياً لعقود طويلة. ولعلّ الاستعمال اليومي لمصطلح التغير المناخي، والذي أطلقه فرانك لونتز للتقليل من شأن الاحتباس الحراري، يشكّل خير دليل على خطورة الأزمة. وقد يرغب لونتز في التراجع عن عبارته تلك، ولكن الضرر قد وقع. ويمكن للأعمال الفنية كالتي يتم طرحها في جائزة كريستو جان-كلود أن تكشف قصور سياسات الاستدامة عن احتواء الموقف بعد أن بلغت الممارسات البشرية منذ فترة طويلة مستويات لا رجعة عنها وأثبتت تأثيراتها السلبية على المجتمعات الضعيفة. لذلك فإننا نشعر في جامعة نيويورك أبوظبي ودولة الإمارات ككل بالمسؤولية لمواجهة الأزمة. ونعتقد بوجود أساليب أخرى للتفكير والنجاة، وهذا ما يحاول «شهيق» إبرازه من خلال توجيه البشر نحو اعتماد أنماط حياتية تخدم الفكرة ذاتها".

وتُنظّم جائزة كريستو وجان-كلود سنوياً منذ عام 2013 بالتعاون مع رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، وهي مسابقة فنية مفتوحة للطلاب والخريجين الجدد في دولة الإمارات، تم تصميمها بهدف تشجيع ابتكار أعمال فنية جديدة ودعم مسيرة الفنانين الفائزين في الحياة العملية بدءاً من مرحلة التكليف ووصولاً إلى العرض.