ابتكر باحثون من مختبر الموائع الدقيقة والأجهزة المصغرة المتطورة في جامعة نيويورك أبوظبي نظام استشعار مبتكر يعيد الإحساس اللمسي المفقود في الجراحة طفيفة التوغل، مما يعزّز دقة الإجراءات الجراحية وسهولة الاستخدام مع تحسين مستويات الأمان والسلامة. يعتمد هذا النظام على دمج أجهزة استشعار للقوة والحركة الدورانية في مقبض الأدوات الجراحية بالمنظار، مما يمكّن الجراحين من تقدير قوة الضغط على الأنسجة وقياس سمكها وصلابتها بشكل مباشر.
تنفّذ الجراحة طفيفة التوغل عبر شقوق صغيرة في الجلد، مما يقلل الألم وفترة النقاهة ومخاطر العدوى. ولكنّ الأدوات التقليدية للجراحة طفيفة التوغل لا تسمح للجرّاح باستخدام حاسة اللمس، ممّا يجعل من الصعب على الجرّاحين ضبط قوة الضغط المناسبة أو التمييز بين أنواع الأنسجة المختلفة ، وقد يؤدّي ذلك إلى أخطاء مثل الضغط المفرط على الأنسجة الحساسة.
صمم الباحثون في جامعة نيويورك أبوظبي هذه التقنية لتعتمد على تركيب أجهزة الاستشعار بعيداً عن منطقة فك الأدوات الجراحية كما نشرت المجلّة العلمية IEEE Access الصادرة عن الجمعية العالمية لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات، وتعدّ بذلك تقدماً كبيراً مقارنة بالأساليب السابقة التي كانت تضع عادةً أجهزة الاستشعار في فك الأدوات الجراحية. تمثّل هذه التقنية أول حلّ يفصل آلية الاستشعار عن الموقع الجراحي، فتقدّم بديلاً مبسّطاً وفعّالاً من حيث التكلفة، يتكامل بسلاسة مع أي أداة جراحية بالمنظار متوفرة تجارياً، مما يعالج التحديات المتعلقة بدمج المستشعرات والأسلاك ومتطلبات التعقيم وتفادي التلوث.
وبالإضافة إلى تحسين دقة وسلامة العمليات الجراحية، قد تساهم هذه التقنية الجديدة في تدريب الجراحين الجدد بما توفره من استجابة استشعارية موضوعية، مما يسرّع اكتسابهم للمهارات الجراحية. وبفضل قابليتها للتوسع وسهولة ضبط التصميم، يمكن تطبيق هذه التقنية في عمليات الجراحة بمساعدة الروبوت، والتنظير الداخلي، والطب عن بعد، وغيرها من التطبيقات الطبية الأخرى.
قال الدكتور محمد قسايمة، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية والهندسة الحيوية في جامعة نيويورك أبوظبي: "لقد أحدثت الجراحة طفيفة التوغل ثورة في المجال، لكن فقدان الإحساس اللمسي لا يزال يمثّل تحدياً كبيراً. يعيد نظامنا الجديد هذا الإحساس، مما يمنح الجراحين إدراكاً فورياً عن مدى صلابة الأنسجة وسمكها. وبفضل دمج التقنية خارج منطقة فك الأدوات، نتفادى مخاطر التلوث ونسهّل أيضاً دمج التقنية دون الحاجة إلى إجراء تعديلات معقدة على الأدوات الجراحية الموجودة".
وأضاف الدكتور وائل عثمان، الباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر الموائع الدقيقة والأجهزة المصغرة المتطورة: "أظهرت التجارب الأوليّة تحسناً بنسبة 30 في المئة في كفاءة المهام الجراحية، مما يؤكّد التأثير العملي لهذه التقنية على الأداء الجراحي. ونعمل حالياً على تطوير النظام ليشمل الجراحة الروبوتية، بالإضافة إلى استكشاف مستشعرات أكثر حساسية تعتمد على الموائع الدقيقة لتعزيز دقة التمييز بين الأنسجة".