اكتشف فريق من الباحثين في جامعة نيويورك أبوظبي تأثير العوامل الوراثيّة ونمط الحياة على الاستجابات المناعيّة للملاريا لدى الأطفال من مجموعتين عرقيّتين كبيرتين في غرب إفريقيا. ووجدت الدراسة أنّ للأطفال من مجموعة قبائل الفولانيّ الرحّل استجابة مناعيّة مميّزة للملاريا مقارنة بنظرائهم من قبائل الموسي، بفضل اختلافات رئيسيّة في نشاط الخلايا المناعيّة توفّر حماية أكبر.
لا يزال العلماء يبحثون أسباب تفاوت قابليّة الإصابة بالملاريا بين المجموعات العرقيّة الإفريقيّة. ومع تميّز قارة أفريقيا بأعلى تنوّع جينيّ وبيئيّ في العالم ممّا يؤثّر في قابليّة الإصابة بالأمراض، فإنّ سكّانها لا يزالون يمثّلون أقلّيّة مهمّشة في الأبحاث الجينوميّة. وقد لوحظ منذ فترة طويلة أنّ أفراد قبائل الفولانيّ، وهي مجموعة من الرعاة الرحل الّذين يعتمدون على منتجات الماشية مثل الحليب، يتمتّعون بحماية أفضل ضدّ الملاريا مقارنة بغيرهم من المجموعات.
"بنيت أبحاثنا على أساس عامين من العمل الميدانيّ المكثّف لدراسة أطفال الفولانيّ والموسي، وتسلّط الضوء على أهمّيّة دراسة التنوّع الجينيّ وأنماط الحياة المتنوعة في إفريقيا لتحقيق اكتشافات طبّيّة جديدة، ممّا يؤكّد أهمّيّة تمثيل المجموعات السكانية المهمشة في الدراسات الجينوميّة والمناعية وتسخير النتائج لفائدة البشرية جمعاء".
وفي الدراسة بعنوان "التحليل الجينيّ والمناعي عالي الدقّة يكشف عن التباين بين الأعراق في الاستجابة المناعيّة لمرض الملاريا" الّتي نشرتها الدوريّة الأمريكيّة لعلم الوراثة البشريّة، نفّذ باحثو جامعة نيويورك أبوظبي ومعاونيهم في بوركينا فاسو تحليلاً عالي الدقّة للخلايا المناعيّة لـ 126 طفلاً، بهدف مقارنة مجموعة الفولانيّ الأقلّ عرضة للملاريا مع مجموعة الموسي الأكثر عرضة. أظهرت نتائجهم أنّ خلايا المونوسايت (وحيدات النوى) ذات الدور الأهمّ في الاستجابة المناعيّة الأوّليّة، أبدت قابليّة منخفضة للالتهاب لدى أطفال الفولانيّ مقارنة بتلك لدى أطفال الموسي، ممّا يحميهم من تطوّر الأعراض الشديدة للمرض. من ناحية أخرى، تميّزت خلايا "ب" لدى أطفال الفولانيّ الّتي تنتج الأجسام المضادّة لمكافحة المرض، بارتفاع نشاطها وقابليتها الالتهابيّة. وبذلك سلّطت الدراسة الضوء على اختلافات جوهرية في الوظائف المناعيّة التي تعتمد في تكوينها بشكل كبير على الجينات والنظام الغذائي، وتأثير هذه الاختلافات في قابلية الإصابة بالأمراض.
تضمّ قائمة الباحثين المساهمين طلّاب جامعة نيويورك أبوظبي الجامعيّين جاكوب جوركوفيتش، بانا العمد، وأودما بايارا.