أصدر مختبر الاستثمار الانتقالي التابع لجامعة نيويورك أبوظبي تقريره السنوي لعام 2023 خلال ورشة عمل بعنوان تعزيز الانتقال إلى الاقتصاد المستدام. ويشير التقرير إلى ضرورة تولي المؤسسات الاستثمارية في دولة الإمارات اهتماماً خاصاً بالاستثمار الانتقالي كطريقة جديدة لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية للأمم المتحدة، وذلك بالاستفادة من الإمكانية الفريدة في الوصول إلى الأسواق الناشئة.
واستضاف مختبر الاستثمار الانتقالي ورشة العمل بالتعاون مع شركة مبادلة للاستثمار ومجموعة المسكري القابضة، وخلص الحاضرون إلى أن الاستثمار الانتقالي، وهو فلسفة استثمارية تهدف إلى تحقيق أثر اجتماعي واقتصادي إلى جانب العوائد المالية، يمكن أن يصنع فارقاً كبيراً في الاقتصاد العالمي والمنطقة. ويتيح الاستثمار الانتقالي إمكانية التحول إلى نموذج اقتصادي جديد قائم على معايير الاستدامة البيئية والشمولية الاجتماعية والازدهار المشترك، وذلك من خلال فسح المجال أمام رؤوس أموال المؤسسات الاستثمارية الكبرى لإقامة مشاريع يمكنها إحداث تحول كبير.
ويؤكد التقرير أن هذا الأسلوب في الاستثمار يلعب دوراً محورياً في معالجة الأزمة العالمية المتعددة، حيث يواجه العالم مجموعة متزامنة من التحديات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم بعضها البعض، مما يجعل معالجتها وحلها أكثر صعوبة. وتؤثر الأزمة المتعددة بشكل سلبي على الفجوة الاستثمارية، التي تمثل الفرق بين الموارد المالية التي يتم استثمارها حالياً والموارد اللازمة سنوياً لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول 2030.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلى أن هذه الفجوة تبلغ حالياً 4.3 تريليون دولار أمريكي سنوياً، وهي ضعف القيمة المسجلة قبل أزمة كوفيد - 19. كما تشير تقديرات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى أن الأصول المالية العالمية بلغت 469 تريليون دولار أمريكي في عام 2020، مما يعني أن قيمة الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة في الأسواق الناشئة خلال السنوات السبع القادمة والمقدرة بـ 30 تريليون دولار أمريكي تمثل أقل من 6% من رأس المال الخاص عالمياً. وناقشت ورشة العمل التي استضافها مختبر الاستثمار الانتقالي الطرق المحتملة لإفساح المجال أمام نشر رؤوس الأموال الكبرى، وأكدت أن الشرق الأوسط يتميز بمكانة فريدة للعب دور ريادي في هذا المجال.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال برناردو بورتولوتي، المدير التنفيذي لمختبر الاستثمار الانتقالي: "نثق في مختبر الاستثمار الانتقالي أن المؤسسات الاستثمارية ستلعب دوراً محورياً في التغيير على المدى الطويل، كما تتميز صناديق الثروة السيادية بمكانة هامة في هذا السياق نظراً للحجم الهائل لأصولها، حيث أظهرت أبحاثنا أن الاستثمارات المستدامة التي قامت بها صناديق الثروة السيادية في المنطقة أسهمت في 19% من إجمالي قيمة الصفقات خلال الفترة ما بين 2020 - 2022. كما تواصل هذه القيمة نموها، مما يسهم في سد الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة، بفضل الاطلاع الواسع للمستثمرين في الشرق الأوسط على الأسواق الناشئة".
وأضاف بورتولوتي: "يتمثل أحد العوامل الرئيسية التي تعيق المؤسسات الاستثمارية في قلة البيانات ذات الجودة العالية التي تثبت فعالية التدخلات الاستثمارية المؤثرة. ولذلك قام مختبر الاستثمار الانتقالي بتطوير إطار عمل قياس الأثر لتوفير منهجية لتحديد أثر شركة ما والإشارة إلى المساهمة الدقيقة والمميزة التي تقدمها لتحقيق الرفاه المجتمعي".
من جانبه قال ديريك روزيكي، رئيس وحدة الاستثمار المسؤول في مبادلة: "تعد مبادلة من أبرز داعمي مختبر الاستثمار الانتقالي وجامعة ونيويورك أبوظبي، ونحن نعمل إلى جانب شركائنا في شبكة صناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد) لدعم عملية توفير البيانات المتعلقة بتغير المناخ في الأسواق الخاصة. واليوم يوضح التقرير أهمية الحاجة لتوفير البيانات المطلوبة لاتخاذ القرارات، بما يتيح لصناديق الثروة السيادية القيام بدورها والمساهمة في إيجاد حلول للقضايا المُلحة التي يواجهها العالم".
ومن جانبه، قال بيتر ليجر، المستشار لدى مجموعة المسكري القابضة والرئيس التنفيذي لشؤون الشركاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا: "يسعدنا العمل الكبير الذي يقوم به مختبر الاستثمار الانتقالي، ونؤكد التزامنا المتواصل بدعم هذه المبادرة المميزة خلال السنوات القادمة. وتشكل القدرة الكبيرة لفعالية مختبر الاستثمار الانتقالي على استقطاب مجموعة مميزة من المشاركين دليلاً واضحاً على أهمية هذه المبادرة بالنسبة لنا وللجهات المعنية في دولة الإمارات ومختلف أنحاء العالم".
وجمعت ورشة العمل التي استضافها مختبر الاستثمار الانتقالي مجموعة من المؤسسات المالية ومدراء الأصول والباحثين وصنّاع السياسات، بهدف تبادل المعارف وعرض أفضل الممارسات بشأن ضخ الاستثمارات الكبيرة في مشاريع ذات أثر اجتماعي مرتفع في الدول الناشئة ومنخفضة الدخل. كما انسجمت أجندة الفعالية مع مؤتمر الدول الأطراف كوب 28 الذي تستضيفه دولة الإمارات في خريف العام الجاري.
وتتمثل مهمة مختبر الاستثمار الانتقالي في تطوير أبحاث أكاديمية عالية الجودة، بهدف تعزيز مكانة جامعة نيويورك أبوظبي وإمارة أبوظبي كمركز للمعرفة في مجال الاستثمار بما يتوافق مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تشكل مصدر إلهام لمنظور جامعة نيويورك أبوظبي العالمي.
وتأسس مختبر الاستثمار الانتقالي في أبريل من عام 2021 في جامعة نيويورك أبوظبي، وهو مركز أبحاث جديد يُعنى بدراسة التمويل المستدام. كما يهدف المختبر، الذي تم إطلاقه بالتعاون مع شركة مبادلة للاستثمار ومجموعة المسكري القابضة، إلى سد الفجوة المعرفية التي تعيق الاستثمارات واسعة النطاق من تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ويسعى التقرير السنوي الذي يصدره المختبر إلى أن يصبح معياراً مرجعياً في هذا المجال.