شاركت جامعة نيويورك أبوظبي في انطلاق مهمة المستكشف «راشد» إلى سطح القمر، مما يشكّل سبقاً علمياً يعزز صدارة دولة الإمارات في هذا المجال. وقد انطلقت المهمة على متن صاروخ من منصة الإطلاق في أورلاندو في ولاية فلوريدا الأمريكية، حاملة مركبة "هاكوتو آر" التي صممتها الشركة اليابانية "آي سبيس" والمستكشف "راشد" الإماراتية، في مهمة إلى القمر تستغرق حوالي أربعة أشهر.
أطلق الصنّاع الإماراتيون الاسم "راشد" على المستكشف تخليداً لذكرى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ويطمحون إلى استخدامه لدراسة سطح القمر. ووفقاً لبيان لمركز محمد بن راشد الفضائي على موقعه الإلكتروني، فإن المستكشف سيقوم "بإجراء اختبارات علمية عديدة على سطح القمر تسهم في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات. ولا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره إلى العديد من القطاعات الأخرى كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات، وغيرها من القطاعات ذات الصلة".
شارك عدد من المؤسسات المحلية والعالمية في هذا الإنجاز، وقد كان لجامعة نيويورك أبوظبي دور أساسي لمساهمتها في تطوير أجهزة المستكشف وإجراءات تحليل المعلومات وتحديد القابليات الأساسية والمشاركة في اختيار موقع هبوطه على سطح القمر. وقد تضمّن فريق العمل في الجامعة أستاذ الفيزياء ميلان بوغوسافليافيتش وعالم الأبحاث في مركز الفيزياء الفلكية والجسيمات والكواكب الأستاذ محمد علي ديب وأستاذ الفيزياء والباحث الرئيسي في المركز ذاته فرانشيسكو أرنيودو والطالب سيباستيان كالوس والمشاركة ما بعد الدكتوراه لورا مانينتي والأستاذ المساعد في الهندسة المدنية كمال تشيليك وعالم الأبحاث روتانا هاي ومساعد الأبحاث بو بينغ والمحاضر أول في التصميم الهندسي ماثيو كاراو وزميل الأبحاث في مركز الشبكات الحضرية المترابطة فينس نوين.
وكما صرّحت عميدة العلوم في جامعة نيويورك أبوظبي مارتا لوسادا: "إننا في جامعة نيويورك أبوظبي نعرب عن فخرنا بالمشاركة في هذا الإنجاز الفضائي الكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد دأب فريق العمل في الجامعة بما فيه الأساتذة والباحثين والطلاب بالمشاركة مع مركز محمد بن راشد الفضائي وغيرهم من الزملاء في الدولة وحول العالم بهدف تحقيق هذا الحلم. نهنئ ونبارك العلماء والباحثين على هذا الإنجاز ونتطلع إلى تهنئتهم بالمزيد من الإنجازات الوطنية الكبيرة في المستقبل".
وبالنسبة لمستكشف "راشد"، فإنه يحمل عدداً من المعدات والأجهزة المتطورة من أدوات التصوير واسعة الزوايا وأنظمة متطورة للاتصالات والحركة تغذيها لوحات شمسية، مما يمكنها من إجراء تحاليل واختبارات على مكونات سطح القمر بدقة غير مسبوقة.
وبالنسبة لجامعة نيويورك أبوظبي، فقد بدأ دورها من المراحل الأولية لتصميم الأدوات العلمية وتصنيعها، بما في ذلك تصميم نظام إضاءة التصوير المجهري وضبطه قبل فحص النظام بأكمله وتحليل أداءه بشكل شامل، لضمان التقاط صور فائقة الدقة لسطح القمر بمواصفات عالية تفوق الصور القديمة.
ومن مهام المستكشف قياس غلاف الإلكترونات للقمر وذلك بمصفوفة من مجسّات لانغميور، الأمر الذي فرض قيوداً تقنيّة شديدة التعقيد من حيث ضرورة تحديد تأثير مكونات المستكشف ذاته على الغلاف بدقة متناهية وتطلب من فريق العمل في جامعة نيويورك أبوظبي إجراء مختلف اختبارات لتقييم الخواص الكهروضوئية لكل المواد على أسطح المستكشف.
ومن ناحية أخرى، قاد باحثو الجامعة تسخير قابليات الذكاء الاصطناعي لتوضيح مواقع الهبوط المحتملة بكل تضاريسها من فوهات وصخور، بهدف تحديد المواقع الآمنة للهبوط وخط مسار مستكشف راشد في المنطقة المحيطة بالموقع النهائي.
وفي ذات الفترة، عمل فريق قسم الهندسة في الجامعة على محاكاة بيئة سطح القمر من تربة وصخور بالاعتماد على مواد محلية، مما يسمح بإجراء الاختبارات اللازمة لنجاح المهمات القادمة لاستكشاف القمر.
وتعليقاً على الموضوع، قال الأستاذ ميلان بوغوسافليافيتش: "لم ينته عملنا بعد، فنحن مكلفون بدعم غرفة التحكم في دبي لدى الهبوط، حيث تبدأ عملية تحليل البيانات فور وصولها من المستكشف. وسيعمل المستكشف راشد على سطح القمر لمدة أربعة عشر يوما متواصلة. وحتى بعد انتهاء مرحلة استكشاف السطح، سنواصل العمل آنذاك على تحليل الصور والبيانات من مختلف المجسات والأجهزة للفترة المتبقية من المهمة".