كشف فريق عمل من المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة في جامعة نيويورك أبوظبي عن ظاهرة انخفاض الأوكسجين الموسمية في مياه الخليج العربي، حيث درس أعضاء الفريق بيانات جمعها العلماء على مدى ثلاثين سنة، ورصدوا اتساع المنطقة المتأثرة بهذه الظاهرة وانخفاض مستويات الأوكسجين فيها على مدى السنين. واستنتج العلماء من ذلك أن التغييرات التي طرأت على البيئة المحلية قد أثرت على التركيبة البيوجيوكيميائية لمياه الخليج مما قد ينعكس سلباً على النظم البيئية والثروة السمكية للمنطقة.
وفي بحثهم بعنوان "توسع المنطقة المنخفضة الاوكسجين في مياه الخليج العربي- التغيرات والمسببات" المنشور في الدورية العلمية "آفاق علم البحار"، يصف الباحثون توظيفهم أحدث النماذج التشبيهية لمحاكاة ظروف انخفاض معدلات الأوكسجين بالقرب من قاع البحر من عام 1982 إلى 2010 ووصولهم إلى اكتشاف انتشار هذه الظاهرة وازدياد شدتها في وسط الخليج إضافة إلى امتداد مدة الظاهرة الموسمية.
لا تزال هذه الظاهرة غير معروفة نسبياً بسبب شح المعلومات، حيث ركزت معظم الدراسات السابقة على حركة التيارات والمتغيرات الفيزيائية فيها، وعليه، تشكل هذه الدراسة أولى جهود نمذجة الظروف الكيميائية والبيولوجية لمياه الخليج، إضافة إلى كونها أول دراسة تتناول مسببات ظاهرة انخفاض الأوكسجين على نطاق واسع وتواتر هذه الظاهرة وتغيرها على المدى البعيد.
يشكّل اتساع المنطقة المتأثرة بهذه الظاهرة واشتداد حدتها خطراً، حيث أنها قد تتسبب بتغيير الظروف الكيميائية والبيولوجية والموائل الطبيعية بعدة طرق، فقد يؤدي تدني مستوى الأوكسجين إلى نفوق الأسماك مما يدفعها خارج مناطقها الاعتيادية ما قد يؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي لبيئة الشعاب المرجانية التي تعاني من تأثيرات تغير المناخ.
وكما صرح الأستاذ زهير الأشقر من المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة وهو الباحث الرئيسي في هذه الدراسة: "يعتبر الأوكسجين عنصراً مهماً جداً، فوجوده ضروري للمخلوقات البحرية والأسماك المحلية. وقد رصد فريق العمل تغير هذه الظاهرة الموسمية عبر السنوات حيث أن منطقة الأوكسجين المنخفض قد اتسعت بنسبة 50% منذ فترة الثمانينيات. وإضافة إلى ذلك، لاحظ الفريق أن الفترة الزمنية التي تحصل فيها هذه الظاهرة من كل سنة قد امتدت بمقدار أشهر عما سبق".
وبدوره أضاف الأستاذ جون بيرت، أستاذ الأحياء في جامعة نيويورك أبوظبي والمشارك في كتابة التقرير: "إن اتساع المنطقة المتأثرة بهذه الظاهرة وتدني مستويات الأوكسجين إلى نسب غير مسبوقة، يمثل تهديداً لمناطق الصيد المحلية، فهي تتمدد باتجاه مناطق الصيد ضمن مياه دولة الإمارات العربية المتحدة. سنعمل على مراقبة تطوّر هذه الظاهرة بهدف التنسيق مع السلطات المعنية حول مواجهة هذا التهديد الذي قد يفاقم تأثيرات تغير المناخ على البيئة البحرية".