من خلال هندسة أوراق الترشيح المعروفة، على غرار مرشحات القهوة، ابتكر فريق من باحثي جامعة نيويورك أبوظبي مصفوفات عالية الإنتاجية من نماذج الأورام ثلاثية الأبعاد المصغرة لمحاكاة الجوانب الرئيسية للورم الفسيولوجي، والتي لا تتوفر في منصات اختبارات الأدوية التقليدية. وبالاعتماد على التكنولوجيا الورقية الجديدة، يمكن حفظ نماذج الأورام المشكلة بأمان وتخزينها لفترات طويلة لاستخدامها في اختبار الأدوية عند الحاجة. ويمكن أن تساهم نماذج الأورام القابلة للحفظ بالتبريد في توفير حلول سهلة ومنخفضة التكلفة للقطاع الصيدلاني عند الحاجة للتحقق من مدى فعالية الأدوية المستخدمة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز الطب الشخصي. ويمكن نقل التكنولوجيا المطورة إلى تطبيقات علاجية أخرى مثل قياس استجابة الورم لتدرجات تركيز الدواء، ودراسة مسارات إشارات الخلايا السرطانية، واستقصاء الأورام الغازية.
وتم نشر نتائج البحث هذا الشهر في ورقة بحثية بعنوان "مصفوفات ورقية قابلة للحفظ بالتبريد لنماذج الورم ثلاثية الأبعاد المستندة لفحص فعالية الأدوية، في المجلة المشهورة "لاب أون تشيب" "Lab on a Chip". وتستند النتائج إلى أبحاث الفريق السابقة لهندسة المنصات الورقية.
وبقيادة الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية والطبية الحيوية بجامعة نيويورك أبوظبي، محمد قصيمه، سعى الباحثون إلى تطوير نماذج أورام ثلاثية الأبعاد بسبب ما توفره من إمكانات كبيرة قادرة على فهم الآليات الأساسية التي تحكم استجابات الورم للعلاجات الدوائية، بالإضافة إلى ما توفره من فرص لتطوير عدد من التطبيقات علاجية. وفي الفترة الحالية، يتم إجراء معظم فحوصات الأدوية قبل السريرية على طبقات أحادية مبسطة ثنائية الأبعاد من زراعة الخلايا، والتي لا توضح بشكل كامل تعقيد الأنسجة والأعضاء البشرية.
وتعتبر الطرق الحالية لتطوير مزارع الخلايا ثلاثية الأبعاد ونماذج الأورام مرهقة ومتعبة، وتشكل تحدياً تقنياً وتستغرق وقتاً طويلاً ولا تسمح بالحفظ بالتبريد للاستخدام في المستقبل. الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع في معدلات الاستنزاف خلال عملية تطوير الأدوية، والذي يمكن أن يتسبب في تأخيرات كبيرة في السوق وخسائر مالية كبيرة للشركات.
ومن خلال اختبار سيسبلاتين (دواء علاج كيميائي نموذجي) على نماذج ثلاثية الأبعاد لسرطان الثدي التي تم إنشاؤها داخل النظام الأساسي المطور، تمكنوا من إثبات أن قدرة هذه التقنية على التنبؤ بنتائج فعالية الدواء.
من جانبه، قال بيسان سمارة، المؤلف الأول ومساعد الأبحاث السابق في مختبر قصيمه: "تتمثل طريقتنا الموثوقة وسهلة التحضير وغير المكلفة في إنشاء مصفوفات ورقية عالية الإنتاجية لنماذج الأورام ثلاثية الأبعاد التي من شأنها أن تقربنا خطوة واحدة من فحص أدوية المحاكاة الحيوية خلال المراحل ما قبل السريرية".
ويُعد هذا البحث خطوة متقدمة لما قام به فريق العمل في السابق، وهو حفظ الخلايا بالتبريد الورقي ، الذي نُشر العام الماضي في مجلة "أدفانسد بايوسيستمز Advanced Biosystems"، حيث نجحوا في تأسيس أسلوبهم الجديد باستخدام ورق الترشيح لحفظ الخلايا البشرية بالتبريد، مما يوفر للعلماء بديلاً فعالاً للطرق التقليدية طويلة الأمد للحفظ بالتبريد.