أجرى باحثو جامعة نيويورك أبوظبي، بالتعاون مع المركز الوطني للبحوث والتدريب حول الملاريا في بوركينا فاسو، دراسة على دماء الأطفال في المناطق الريفية في بوركينا فاسو في غرب إفريقيا، حيث اكتشفوا استراتيجية جديدة للتهرب المناعي يستخدمها طفيلي البلازموديوم المسبب لمرض الملاريا، والتي يمكن أن تمهد الطريق لتطوير استراتيجيات علاجية فعالة ولقاح للملاريا مستقبلاً.
وتوصل الفريق بمشاركة يوسف إدغضور الأستاذ المساعد في علم الأحياء في جامعة نيويورك أبوظبي، ومامي مسار دينغ الباحث المشارك، والباحثة أيساتو دياوارا وهي زميل في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر إدغضور، إلى أن طفيلي البلازموديوم، الذي ينقل مرض الملاريا إلى البشر عن طريق حشرات البعوض المصابة، يتسبب في حدوث تغييرات في جينات الإنسان التي تؤثر بدورها على استجابة المناعة المكتسبة للجسم. هذه النتائج تجدد الأمل بإمكانية العمل على استراتيجيات علاجية جديدة، وإيجاد لقاح ينقذ مئات الآلاف من الأشخاص الذين يموتون سنوياً بسبب الملاريا حول العالم، هذا إلى جانب ثلاثة مليارات شخص آخرين معرضون لخطر الإصابة بهذا المرض الذي من الممكن الوقاية منه وأيضاً الشفاء منه.
ونشرت الدراسة التي صدرت بعنوان "التحليل الجينومي التكاملي يكشف عن آليات التهرب المناعي في مرض الملاريا"، في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز Nature Communications" ، والتي أظهرت تفاعل طفيلي الملاريا مع جهاز المناعة خلال المراحل الأولى من العدوى. ووجد الباحثون أن فئة معينة من جينات الميكرو آر أن إي "الرنا الميكروي microRNAs" (جزيئات صغيرة تلعب دوراً أساسياً في ضبط التعبير الجيني المشارك في الاستجابة المناعية)، تسبب موت الخلايا المناعية التكيفية (المكتسبة) عند وجود طفيلي البلازموديوم. وبمجرد أن يتجنب الطفيلي الاستجابة المناعية في الدم، فإنه يصبح قادراً على التكاثر وغزو خلايا الدم الأخرى. كما تم اكتشاف أن بعض جينات "الرنا الميكروي" يخضع لتأثير الرمز الجيني (دي أن إي) للشخص، وهو ما يفسر سبب اختلاف الأفراد في قدرتهم على التعامل مع العدوى.
ومن جانبها قالت الباحثة أيساتو دياوارا : "تسلط نتائج بحثنا ودراستنا الضوء من منظور مختلف على آلية وأسباب ضعف المناعة المكتسبة عند المصابين بمرض الملاريا، وهذا يمكن أن يفسر لماذا يستغرق الأطفال سنوات لتطوير مناعتهم، ولماذا لا توفر اللقاحات حماية طويلة الأجل من هذا المرض".
والجدير بالذكر أن العبء الأكبر لمرض الملاريا يتركز في القارة الأفريقية، جنوب الصحراء الكبرى، حيث تعد العواقب الاجتماعية والاقتصادية السلبية المترتبة على انتشار المرض كبيرة، خاصة لعدم توفر استراتيجيات علاجية فعالة ومستدامة لمرض الملاريا، ويعود ذلك للفهم المحدود لأسباب الاختلافات في الاستجابة المناعية للجسم المصاب بالعدوى الطفيلية.