حقائق موجزة:
● تترافق الأدوية التقليدية لعلاج السرطان (العلاج الكيميائي) بعددٍ من المشاكل، بما في ذلك ضعف قابليتها للانحلال وانتقائيتها للخلايا المصابة، إلى جانب توافرها الحيوي القصير في الدورة الدموية وتأثيرها السمي على الأنسجة السليمة.
● ويتميز الطب النانوي بقدرته على التغلب على هذه العقبات الجوهرية التي تعوق استخدام العلاج الكيميائي التقليدي.
● يستخدم الطب النانوي ناقلات نانوية يقل قطرها عن 200 نانومتر لنقل المواد المستخدمة في تشخيص الأمراض أو تتبعها أو علاجها.
● طور باحثو جامعة نيويورك أبوظبي نواقل نانوية جديدة لتوجيه أدوية العلاج الكيميائي إلى الخلايا السرطانية بشكل فعّال ونوعي، وبتأثير أقلّ على الأنسجة السليمة.
● نشرت النتائج في ورقة بحثية بعنوان "الجسيمات النانوية البوليمرية الحسّاسة لدرجة الحموضة وعالية الثبات للتوجيه المستهدف للأدوية المضادة للسرطان" في مجلة "كوميونيكشنز بيولوجي"، وتم اختيارها من قبل المحررين كبحث أساسي.
طور فريق من الباحثين في جامعة نيويورك أبوظبي نواقل نانوية حيوية وقابلة للتحلل البيولوجي ذات تكلفة معقولة، بهدف توجيه الأدوية المعالجة للسرطان بشكل أكثر فعالية وأماناً. وأثبت الباحثون، وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة "كوميونيكشنز بيولوجي" أمس (الثلاثاء)، أنه يمكن تحميل الجسيمات النانوية الهجينة والحساسة لدرجة الحموضة (متعددة المكونات مثلاً) بمجموعة واسعة من أدوية العلاج الكيميائي لاستهداف الخلايا السرطانية بشكل فعال ونوعي.
تعمل أدوية العلاج الكيميائي التقليدية بشكل أساسي عبر التداخل على سلاسل الحمض النووي وعمليات الانقسام المنصف (نوع من انقسام الخلايا)، بهدف تحفيز الموت الخلوي في الخلايا السرطانية سريعة الانقسام، وبالتالي الحدّ من نمو الورم. وتتضمن عوائق استخدام العلاج الكيميائي التقليدي ضعف قابليته للانحلال وانتقائيته للخلايا المصابة، إلى جانب توافره الحيوي القصير في الدورة الدموية وسميته العالية على الأنسجة السليمة، بالإضافة إلى المقاومة الدوائية ونكس الورم، مما يبرز ضرورة استخدام جرعات عالية من العلاج الكيميائي لضمان وصول كميات كافية من العلاج إلى الورم وتحقيق التأثير المطلوب على مستوى الخلايا السرطانية. ولكن لسوء الحظ، تسبب الجرعات الدوائية العالية تلف الأنسجة السليمة، ما يؤدي إلى مجموعة من الآثار الجانبية التي تشمل الغثيان وتساقط الشعر والتعب وانخفاض مقاومة الجسم للإنتان والعقم وتلف الأعضاء.
ويعتمد طب النانو في مجال السرطان على استخدام النواقل النانوية لتشخيص ومتابعة وعلاج السرطان، ويمتاز بقدرته على تجاوز المشاكل المرتبطة باستخدام العلاج الكيميائي التقليدي. ومع ذلك، يواجه الاستخدام العملي للناقلات النانوية كأنظمة فعالة لتوصيل أدوية السرطان العديد من العوائق، بما في ذلك ضعف ثباتها في الدورة الدموية وعدم كفاية تجمعها في أنسجة الورم المستهدفة، بالإضافة إلى عدم فعالية عمليات النقل والامتصاص الخلوي في الخلايا السرطانية المستهدفة.
وكما ذكرت الورقة البحثية "الجسيمات النانوية البوليمرية الحسّاسة لدرجة الحموضة وعالية الثبات للتوجيه المستهدف للأدوية المضادة للسرطان"، طور مختبر الدكتور مجذوب التابع لجامعة نيويورك أبوظبي، بالتعاون مع مختبر البروفيسور فرانسيسكو باريرا في جامعة تينيسي في نوكسفيل، نواقل نانوية قادرة على تخطي التحديات المرتبطة بالعلاج الكيميائي التقليدي والناقلات النانوية الحالية أيضاً.
تتكون الجسيمات النانوية من نواة بوليمرية معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، يغطيها غلاف بروتيني رقيق متوافق حيوياً وقابل للتحلل البيولوجي، حيث يمكن تحميل النواة بمجموعة واسعة من أدوية السرطان العلاجية. كما تم تصميم الغلاف البروتيني لتعزيز التوافر الحيوي في الدورة الدموية، وبالتالي ضمان ثبات الناقل النانوي حتى وصوله إلى الموقع المستهدف. وأخيراً تم تزويد الحامل النانوي بببتيد سريع الاستجابة لتبدلات درجة الحموضة تم تطويره من قبل مختبر "باريرا"، يعمل على تسهيل عملية الامتصاص الخلوي بشكل خاص في الخلايا السرطانية ضمن البيئة الحمضية للأورام الصلبة. وبعد الامتصاص الخلوي الفعّال، تؤدي الحالات الفريدة داخل الخلايا السرطانية إلى تحلل الجسيمات النانوية الهجينة وإطلاق الأدوية العلاجية المحمّلة.
هذا وعمل بالانيكومار إلى جانب سمية الحوسني ومنى كالموني، باحثين في مجال السرطان في مختبر "مجذوب"، وفانيسا نجوين، طالبة دراسات عليا في مختبر "باريرا"، بدعم من لياقت علي ورينو باسريشا، علماء أجهزة وأدوات البحث في منصات التكنولوجيا الأساسية في جامعة نيويورك أبوظبي، على استكشاف الخواص الدقيقة للنواقل النانوية ضمن مجموعة واسعة من أنواع الخلايا السرطانية وفئران التجارب الحاملة للأورام. وأظهرت الجسيمات النانوية الهجينة المحمّلة بالأدوية تأثيراً فعالاً ضدّ الخلايا السرطانية، ما أدّى إلى تقلّص كبير في حجم وكتلة الورم وزيادة معدل النجاة دون أيّة آثار سلبية على الأنسجة السليمة.