كشف فريق من علماء الأحياء البحرية والجينوم في جامعة نيويورك أبوظبي وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، في سبق علمي هو الأول من نوعه، عن انتقال التغيرات "الأبيجينية" أو ما يعرف باسم "علم ما فوق الجينات" عبر أجيال الشعاب المرجانية. ويأتي هذا الاكتشاف الذي نشر ضمن دراسة جديدة في مجلة ’نيتشر كلايمت تشينج‘ ليعزز الفهم البيولوجي للشعاب المرجانية، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة لتعويض خسارة هذه الأنواع الرئيسية في الأنظمة البيئية البحرية.
وتشير النتائج إلى أن توليد مستعمرات ويرقات مرجانية مُكيَّفة وراثياً عبر التغييرات الأبيجينية، سيمكن من إعادة توطين الشعاب المرجانية المحتضرة بشكل طبيعي.
ويسبب التغير المناخي انخفاضاً ملحوظاً في عدد الشعاب المرجانية حول أنحاء العالم، وذلك في ظل مخاوف العلماء من عدم قدرة الشعاب المرجانية على التكيف وراثياً للتغلب على الوتيرة المتسارعة لأزمة التغير المناخي. بينما أشارت دراسة "توارث التغييرات الأبيجينية بين أجيال الشعاب المرجانية" التي قام بها فريق من جامعة نيويورك في أبوظبي تحت إشراف يوسف الدغدور أستاذ علم الأحياء في جامعة نيويورك أبوظبي، وجون بيرت الأستاذ المشارك في علم الأحياء في جامعة نيويورك أبوظبي، وإميلي هاولز الباحثة السابقة في جامعة نيويورك أبوظبي، بالإضافة إلى فريق من الباحثين من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، الذين توصلوا إلى أن المرجان الصخري الذي يعرف باسم "مرجان المخ" قادر على نقل التغييرات الأبيجينية عبر الأجيال لمساعدتها على التكيّف بسرعة مع التغيرات البيئية الضارة.
ويسمح علم ما فوق الجينات "الأبيجينيتكس Epigenetics" بتعديل النمط الظاهري للجينوم دون تغيير التسلسل الوراثي الفعلي، حيث يؤثر على كيفية استخدامه عبر تحديد الوقت والآلية المناسبة لتثبيط أو تفعيل الجينات.
وقام فريق الباحثين بجمع وتحليل أجزاء من مستوطنات مرجانية صخرية موجودة في أوساط مائية مختلفة (أبوظبي والفجيرة)، وحصلوا على عينات من اليرقات والحيوانات المنوية والشعاب المرجانية البالغة الناتجة عن التلقيح التبادلي، وتم تحديد العوامل الأبيجينية في الشعاب المرجانية باستخدام تقنيات تسلسل الجينوم الكامل ، حيث لوحظ تأثير بيئي واضح على جينوم الشعاب المرجانية، وتم تحديد العوامل الأبيجينية المرتبطة بالبيئة الحارة والمالحة، وتوضيح تأثيرها المحتمل على قدرة مقاومة الشعاب المرجانية.