كشفت مقالة بحثية عمل عليها فريق من الباحثين في مركز علم الجينوم وبيولوجيا الأنظمة في جامعة نيويورك أبوظبي، التطورات التاريخية التي طرأت على الأبحاث الخاصة بأشجار القرم في المنطقة العربية على مدى نصف قرن لتحديد الاتجاهات الجغرافية والموضوعات التي دارت حولها هذه الأبحاث، ليتمكنوا من معرفة المجالات ذات الأولوية للأبحاث المستقبلية، بهدف دعم الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الأشجار.
وتعد منطقة شبه الجزيرة العربية واحدة من أكثر البيئات ذات الظروف المناخية القاسية في العالم، إلا أنها أيضاً موطن لأشجار القرم الرمادي (أفيسينيا البحرية)، وهي نوع فريد من الأشجار التي تتمتع بقدرتها على تحمل الظروف الصعبة. وتعتبر غابات القرم الرمادي، الغابة الوحيدة دائمة الخضرة الطبيعية في شبه الجزيرة العربية. كما أنها تدعم التنوع البيولوجي والإنتاجية العالية في المناطق الساحلية عبر المنطقة.
وشملت مقالة "تطور أبحاث أشجار القرم في بيئة قاسية: الاتجاهات التاريخية والفرص المستقبلية في شبه الجزيرة العربية"، التي نُشرت في مجلة "أوشن أند كوستال مانيجمنت"، حيث عمل الأستاذ المشارك ما بعد الدكتوراه غييرمو فري، والأستاذ المشارك في علم الأحياء في جامعة نيويورك أبوظبي جون بيرت، على مراجعة 400 منشور علمي تم إصدارها على مستوى المنطقة منذ صدور الورقة البحثية الأولى في عام 1955. وجرى تصنيف الأوراق البحثية تحت 11 موضوع بحث رئيسي، بما في ذلك دراسات من البحار الإقليمية، وذلك بهدف تحديد الاتجاهات والفجوات في أبحاث أشجار القرم بالمنطقة، وتوفير المعلومات الأساسية لتوجيه العلوم المستقبلية والبرامج الخاصة بالحفاظ على أشجار القرم.
وتُظهر النتائج وجود نمو هائل في الأبحاث المتعلقة بأشجار القرم في المنطقة بالعقود الأخيرة. ويُعزى هذا النمو في الأبحاث إلى الباحثين المحليين مع التركيز بشكل خاص على التأثير البشري والبيئة. كما سلطت النتائج الضوء على الأهمية البيئية لدراسة غابات القرم الرمادي في المنطقة العربية، حيث تتزايد المساحة التي تغطيها هذه الأشجار في جميع أنحاء المنطقة، على عكس معظم المناطق الاستوائية التي يقل فيها عدد أشجار القرم. ويعود تزايد أشجار القرم في المنطقة العربية إلى حد كبير إلى برامج التشجير وإعادة التأهيل المحلية، بالإضافة إلى تطوير المناطق المحمية في العقود الأخيرة. ويمكن تطبيق هذه البرامج الناجحة على أنواع الأشجار المعرضة للخطر في مناطق أخرى من العالم في مناخات مختلفة.
وكذلك، أظهرت التحليلات التي توصل إليها الفريق وجود عجز في البحث عن أشجار القرم الرمادي في المقاطعة البحرية لبحر العرب، وهو أمر مهم نظرًا إلى أن هذه المنطقة تشمل غابات كثيفة من أشجار القرم الرمادي في جنوب غرب إيران وشرق دولة الإمارات العربية المتحدة وأجزاء من سلطنة عمان. وتعتبر هذه المناطق مهددة بضغوط التنمية والملوثات البيئية الناجمة عن ارتفاع النشاط البشري.