أجرى فريق من الباحثين بقيادة طلال رهوان، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب بجامعة نيويورك أبوظبي، تجربةً عمليةً لدراسة الكيفية التي يتفاعل بها الأشخاص مع الآلات التي تتظاهر بأنها إنسان. وخلص الباحثون إلى أن الآلات الذكية قادرة على التعامل مع البشر بكفاءة عالية تصل إلى حدّ التفوّق على البشر أنفسهم، ولكن فقط في حال تم السماح لها بإخفاء كونها آلة، وذلك لأنّ تفاعل الأشخاص مع الآلات يتأثّرا سلباً بمجرد كشفها عن حقيقتها غير البشرية.
تأتي الدراسة في ظل الدور الذي تلعبه الاكتشافات والأبحاث التكنولوجية الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي في المساهمة في تمكين الروبوتات والآلات من اكتساب القدرة على محاكاة تصرفات البشر.
ومن خلال الورقة البحثية التي حملت عنوان "دلائل سلوكية حول مقايضة الشفافية بالفعالية في التفاعلات بين البشر والآلات" والمنشورة بدورية ’نيتشر مشين إنتلجنس‘، قدّم الباحثون تجربة طُلب فيها من المشاركين التعاون مع شريك بشري أو آلي في لعبة تدعى "معضلة السجين المتكررة"، والتي تم تصميمها للتعرف على الكيفية التي يتصرف بها كل مشارك، إما بشكل أناني في محاولة لاستغلال الطرف الآخر، أو بأسلوب تعاوني يهدف لتحقيق منفعة مشتركة لكلا الطرفين.
كما عَمِد الباحثون إلى تقديم معلومات غير صحيحة لبعض المشاركين في التجربة عن هوية شركائهم في اللعبة، حيث قام الباحثون بإخطار بعض المشاركين الذين تفاعلوا مع البشر بأنهم يتعاونون مع آلات، فيما تم إخطار بعض المشاركين الذين تفاعلوا مع آلات أنهم يتعاونون مع البشر. وتمكّن الباحثون عبر هذه التجربة من تحديد مدى التحيز ضد الشركاء الذين يُعتقد بأنهم آلات، إضافة إلى أن التجربة مكنتهم من تقييم مستوى ذلك التحيز في حال وجوده، ومدى تأثيره على كفاءة عمل تلك الآلات التي أفصحت عن هويتها غير البشرية.
وأظهرت النتائج أن الآلات التي ادعت أنها ذات طبيعة بشرية، كانت أكثر فاعلية في إقناع الشريك بالتعاون في اللعبة، ولكن وبمجرد الكشف عن هويتها الحقيقية، فإن مستوى التعاون انخفض بشدة، إلى درجة أن تفوق الآلات انعدم كلّياً.