باحثون يدرسون آليات انهيار الغطاء الجليدي

فحص خصائص خليط الجليد والمياه أسفله المتواجدة أمام جرفٍ جليدي في نهر ’ياكوبسهافن‘ الجليدي غرب جرينلاند، باستخدام مسبارات مثبتة في طائرة هليكوبتر. ويظهر في خلفية الصورة انهيار الجرف الأمامي للنهر الجليدي؛ بينما يظهر في مقدّمة الصورة خليط الجليد من خلال طائرة هليكوبتر. حقوق الصورة: دنيز هولاند.

استخدام نظام رادارٍ جديد أتاح لعلماء الجيولوجيا من كلا الجامعتين استكشاف الطبيعة الجيولوجية الديناميكية لكتل الجليد البحري والجبال الجليدية في جزيرة جرينلاند

خبر صحفي

كشفت دراسة جديدة أجراها فريق من علماء الجيولوجيا لدى جامعة نيويورك أبوظبي وجامعة جنوب فلوريدا عن الآلية الكامنة وراء انهيار الكُتل والأنهار الجليدية في جزيرة جرينلاند واندفاعها نحو البحر؛ وهو ما يمثل اكتشافاً علمياً مهماً وخاصة بالنسبة للمناطق الساحلية منخفضة المستوى مثل سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة. وتكتسي الكتلة الأرضية لجزيرة جرينلاند، التي تزيد مساحتها عن 2.1 مليون كيلومتر مربع، بالكتل والأنهار الجليدية على نطاقٍ واسع مع المياه الذائبة منها والتي تتسبب بحوالي خُمس ارتفاع منسوب مياه سطح البحر في العالم.

وشارك في الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة ’نيتشر كيوميونيكيشنز‘، البروفسور تيم ديكسون والدكتور سوروي شيه من جامعة جنوب فلوريدا، إلى جانب المؤلفين المُشاركين ديفيد هولاند وإيرينا فانكوفا ودينيس فويتينكو من جامعة نيويورك ومعهد الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي. وقد رصدت الدراسة الآلية وراء ’انهيار‘ جزءٍ كبير من الكتل والأنهار الجليدية وانحدارها إلى البحر، لتكوّن نتيجة ذلك جبالاً جليدية عائمة مثل تلك التي تسببت بحادثة غرق السفينة الشهيرة ’تايتانيك‘. وسيتيح الاكتشاف الجديد للمجتمع العلمي وضع نموذجٍ أفضل لتقييم أسباب فُقدان وذوبان الكتل الجلدية في جزيرة جرينلاند خلال الفترة المستقبلية، فضلاً عن تحديد مدى ارتفاع منسوب مياه البحر بشكلٍ عام.

ويُعتبر انهيار وذوبان الكُتل والأنهار الجليدية أحد أبرز النتائج المؤسفة لظاهرة التغيّر المناخي. وقد تكون عملية الانهيار أشبه بتحطّم هيكلٍ جليدي ضخم بحجم ناطحة سحاب شاهقة تسقط في البحر، وذلك اعتماداً على مدى ارتفاع النهر الجليدي. وقد وثّقت دنيز هولاند، المنسق اللوجستي لفريق جامعة نيويورك أبوظبي، واحدة من هذه الحوادث في مقطع فيديو.

وفي هذا السياق، قال البروفسور تيم ديكسون: "لقد كان من الصعب جداً وضع نموذج دقيق لآلية انهيار الكتل والأنهار الجليدية؛ ونعتقد أن مدى سرعة انهيار الأنهار الجليدية في جزيرة جرينلاند يُعتبر واحداً من أهم الأسرار المجهولة المرتبطة بارتفاع منسوب مياه البحر؛ كما أن انهيار الكتل والأنهار الجليدية كانت من الظواهر التي لطالما عجز العلماء في السابق عن فهم آليتها".

 بدوره، قال ديفيد هولاند، الباحث الرئيسي في مركز التغيير العالمي لمستوى سطح البحر في جامعة نيويورك أبوظبي: "شكّل جمع البيانات من هذه المواقع النائية وذات البيئات الصعبة تحدياً كبيراً من الناحية اللوجستية، ولكن مجموعات البيانات المدهشة التي تم جمعها لغاية اليوم تجعل من هذه المهمة أمراً يستحق كل هذا الجهد والعناء".

انطلق فريق العلماء لزيارة جزيرة جرينلاند في صيف عام 2016 بهدف تركيب نظام رادارٍ جديد يتيح فهم آلية الانهيار والذوبان بصورةٍ أفضل. وتمثل الهدف الرئيسي للفريق في مراقبة التكوينات المعروفة باسم خليط الجليد والتي تُمثّل مزيجاً من الجليد البحري والجبال الجليدية الموجودة ضمن النطاق الواقع أمام الكُتل والأنهار الجليدية. وقد يكون خليط الجليد مضغوطاً في المضائق والمنحدرات الضيقة التي يمر عبرها العديد من الأنهار الجليدية حتى ينتهي المطاف بها مع الالتقاء بالبحر.

 وقد أدرك العلماء منذ زمن طويل أن خليط الجليد يمكن أن يعيق تحرك الأنهار الجليدية باتجاه البحر، ولكن هذه الفرضية لم تستند إلى بيانات ومُعطيات كافية لفهم هذه الظاهرة بوضوح.

من جهة ثانية، قام فريق العُلماء بتطوير أسلوبٍ جديد يعتمد على نظام الرادار لإجراء قياسٍ لمستوى ارتفاع خليط الجليد الواقع أمام النهر الجليدي المُتحرك ’ياكوبسهافن‘، وهو نهر جليدي رئيسي في الجانب الغربي من جزيرة جرينلاند. وقد قام العلماء بقياس ارتفاع خليط الجليد بالاعتماد على التقنيات التحليلية التي طورها الدكتور سوروي شيه. ووجد العلماء أن كتلة سميكة من خليط الجليد قد ضغطت على الجبل الجليدي في أواخر الربيع ومطلع فصل الصيف، وخلال هذه الفترة لم يحدث انهيار لأي جبال جليدية؛  وقد بدأت الكتل الجليدية بالانهيار بمجرد أن أصبحت كتل خليط الجليد ضعيفة ومُعرّضة للذوبان بحلول منتصف الصيف.

وفي وقت سابق من هذا الربيع، أفاد علماء ’ناسا‘ بأن النهر الجليدي ’ياكوبسهافن‘، والذي كان أسرع نهر جليدي في جرينلاند خلال العقدين الماضيين، كان يتباطأ من حيث حركته نحو المحيط، وهو ما تم تفسيره على أنه نمط دوري ناجم عن موجات ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة. وحيث أن نهر ’ياكوبسهافن‘ لا يزال يفقد الكثير من كتلته الجليدية يما يفوق مُعدّل تراكمها كل عام، أكد علماء ’ناسا‘ أن الحجم الكبير للنهر يمثل عاملاً رئيسياً ومهماً وراء ارتفاع منسوب مياه البحر.

 وأضاف هولاند: "سنواصل رصد خليط الجليد على مدار العقد المقبل، حيث سيساعدنا ذلك على المراقبة بشكلٍ أفضل، وبلورة فهمٍ دقيق حول دور هذه الكتلة في كبح ذوبان الغطاء الجليدي لجزيرة جرينلاند، وكذلك ضبط ارتفاع المنسوب العالمي لسطح البحر".


مكتب الشؤون العامة والاتصالات

يهدف مكتب الشؤون العامة والاتصالات في جامعة نيويورك أبوظبي إلى تعزيز التواصل والعلاقات مع الجمهور، بما في ذلك أعضاء وسائل الإعلام. يعمل مكتب الشؤون العامة والاتصالات بالتعاون الوثيق مع أعضاء هيئة التدريس والموظفين والإدارات في جميع أنحاء الجامعة، وينسق الهوية البصرية لجامعة نيويورك، ويساعد على مشاركة القصص حول طلاب جامعة نيويورك، وأعضاء هيئة التدريس، والفرص التعليمية.

تواصل معنا

فرح شما
مديرة الشؤون العامة والاتصالات
البريد الإلكتروني: farah.shamma@nyu.edu
ميسون مبارك
مديرة الشؤون العامة والاتصالات
البريد الإلكتروني: maisoon.mubarak@nyu.edu