حقائق أساسية:
- ظاهرة تكوّن المسطّحات المائية وسط الجليد البحري (بولينيا) هي مصطلح جغرافي يُستخدم لوصف مساحة من مياه البحر غير المتجمّدة وسط كُتل الجليد البحري
- اكتشف باحثو معهد جامعة نيويورك أبوظبي ظهور عوامل مناخية تشكل هذه الظاهرة، والتي ظهرت في سبتمبر 2017 في بحر لازاريف. وقد تشكلت الظاهرة بشكل أكبر من قبل في نفس المكان عام 1974
- توصّل الباحثون إلى تسبب الأعاصير والرياح العاتية التي تضرب الكتل الجليدية في دفع الكتل الجليدية في مناطق محيطية ذات ظروف مناخية معينة باتجاهات مُعاكسة.
- تتأهل مياه المحيط القريبة من السطح بحيث تنتقل المياه الدافئة العميقة بالقرب من السطح فوق الجبال البحرية، فيمكن للإعصار الذي يمر فوق الجبال البحرية، بالإضافة إلى خلق انحراف جليدي، أن يزيد من ارتفاع الماء الدافئ العميق ليصل به إلى السطح ، وبالتالي السماح لاستمرار ظاهرة بولينيا
نجح فريق من العلماء بقيادة ديانا فرنسيس، عالمة الأبحاث لدى معهد جامعة نيويورك أبوظبي، ومساهمة الباحثان كلير أيرز وديفيد هولاند، جميعهم من مركز التغيرات الحيوية في مستوى سطح البحر، وخوان كويستا، من جامعة باريس إيست، في كشف الأسرار الغامضة المحيطة بظاهرة تكوّن المسطّحات المائية وسط الجليد في منتصف المحيطات، والتي يُطلق عليها مصطلح "بولينيا"، على مدى أربعة عقود، حيث عادت بولينيا للظهور قبل نحو عامين في القارة القطبية الجنوبية خلال فصل الشتاء بين الكتل الجليدية البحرية.
وتم رصد هذه الظاهرة الجُغرافية التي يُشار إليها أيضاً باسم ’الهضبة المحيطية المرتفعة‘ في منتصف شهر سبتمبر من عام 2017، وذلك وسط كتلة جليدية بحرية تراكمية في بحر لازاريف بمنطقة القارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي أثار تساؤل العلماء حول كيفية حدوث هذه الظاهرة خلال شهور الشتاء قارص البرودة ذات طبقات الثلج البحرية الكثيفة. ونظراً لصعوبة الوصول إلى هذه المنطقة، استعان علماء الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي بنتائج عمليات الرصد والمراقبة عبر الأقمار الاصطناعية والبيانات التحليلية، واكتشفوا أن الأعاصير الشديدة (مثل الفئة 11 على مقياس بوفورت) والرياح العاتية تتسبب بتحوّل مسار الجليد إلى اتجاهات مُعاكسة، مما يؤدي إلى ظهور ظاهرة "بولينيا".
وخلال فترة اكتشاف هذه الظاهرة، بلغت مساحة المسطّحات المائية وسط الجليد حوالي 9,500 كيلومتر مربع (أي ما يعادل ثلاث مرات مساحة إمارة دبي)؛ وقد اتسعت هذه المساحة بنسبة تفوق 700% لتصل في غضون شهرٍ واحد إلى 80 ألف كيلومتر مربع. وبدأت هذه المسطّحات المائية بالاندماج مع المحيط المفتوح بمجرد بدء الجليد البحري بالذوبان والتراجع في بداية الصيف في النّصف الجنوبيّ للكرة الأرضيّة. وقبل عام 2017، تم رصد أكبر حجم لهذه الظاهرة في سبعينيات القرن الماضي، وذلك عندما بدأ استخدام أنظمة المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية؛ ومنذ حينها ظهرت "بولينيا" عدة مرات ولكن بشكل اصغر، مثيرةً فضول العلماء منذ أول ظهور لها في السبعينات.
وعمل ديفيد هولاند سابقاً على الجانب المتعلق بالرسومات البحرية لظاهرة بولينيا، حيث قال: "سبق واكتشفنا أن وجود هضبة طينية في قاع البحر أسفل المسطّحات غير المتجمدة وسط الجليد يوفر الظروف المواتية لارتفاع المياه العميقة الدافئة إلى سطح المحيط، وبالتالي الحفاظ على حرارته ومنع تشكيل جليد البحر الكثيف. وهو بلا شك وضع محيطي غير مستقر، ويمكن للأعاصير الجوية العاتية أن تؤدي إلى تشكل المسطّحات المائية وسط الجليد فوق الهضبة المحيطية كما رأينا هنا. وقد تستمر الظاهرة لعدة أشهر، حتى بعد مرور فترة طويلة من انتهاء الإعصار، بسبب عدم استقرار المحيط الذي يواصل التسبب بارتفاع المياه العميقة الدافئة".
وتقول عالمة الأبحاث ديانا فرنسيس: "تُعتبر هذه المسطّحات المائية بمثابة ممرات عبر كتل الجليد البحري؛ حيث تساهم في نقل كمياتٍ هائلة من الطاقة بين المحيط والغلاف الجوي. ونظراً لكونها كبيرة الحجم، فإن حدوث مثل هذه الظواهر في منتصف البحر يؤثر على المناخ إقليمياً وعالمياً، كونها تساهم في تعديل دوران تيارات المحيط. وإنه لمن الهام بالنسبة لنا التعرف على أسباب تكون هذه الظاهرة لتحسين مكانتها كمؤثر في المناخ".