نجح فريق من العلماء الدوليين بقيادة جامعة نيويورك أبوظبي في اكتشاف أمواج كوكبيّة دورانية الحركة على الشمس وداخلها تشبه الأمواج التي تؤثر بشكل كبير في الظروف المناخية على كوكب الأرض.
وتعتبر أمواج "روسبي" من الظواهر الطبيعية التي يمكن ملاحظتها في الأغلفة الجوية للكواكب ومحيطاتها، وتتشكل نتيجة لدوران الكوكب، وكما هو حال الكرة الأرضية، يتسبّب دوران الشمس بتشكيل أمواج "روسبي"، لكن بقي هذا محط جدل، إلى حين هذا الاكتشاف.
وبهذا الصدد، قال لوران جيزون، الباحث الرئيسي المشارك في مركز علوم الفضاء ضمن جامعة نيويورك أبوظبي، وكبير علماء الفريق الدولي الذي حقق هذا الاكتشاف المتميز: "لا شك أنها أمواج "روسبي"، وذلك نظراً للعلاقة العلمية المقاسة بين التردد وطول الموجة".
وأشار جيزون إلى الحجم الهائل الذي تمتاز به أموج ’روسبي‘ الشمسية ذات الأطوال الموجية المماثلة لنصف قطر الشمس؛ أوضح بأنها تشكل مكوّناً رئيسياً للقوى المحركة الداخلية في الشمس نظراً لدورها في توفير نصف الطاقة الحركية واسعة النطاق للشمس.
وأضاف جيزون: "لم نتوقع أبداً رؤية مثل هذه الأمواج ذات الحجم الكبير، والتي اقتصرت مشاهدتنا لها سابقاً في المناطق الاستوائية من الشمس".
وأجرى علماء متخصصون في الفيزياء الفلكية من "جامعة نيويورك أبوظبي"، ومعهد "ماكس بلانك" لأبحاث النظام الشمسي، وجامعة ستانفورد دراسة مستفيضة على البيانات الفضائية لمدة ست سنوات، وخلصت أبحاثهم عن اكتشاف وجود أمواج "روسبي" تتحرك في الاتجاه المعاكس لدوران الشمس، وتم نشر نتائج هذا الاكتشاف في مجلة "نيتشر أسترونومي".
وأوضح جيزون التشابه الكبير بين أمواج "روسبي" الشمسية وتلك التي يمكن مشاهدتها في الغلاف الجوي لكوكب الأرض ومحيطاته، إلا أن اكتشافها في الشمس ينطوي على صعوبة كبيرة نظراً لسعة تدفقها الصغيرة جداً، والتي تبلغ حوالي متر واحد في الثانية.
وتتمثل خواص أمواج "روسبي" الشمسية في:
● أمواج دورانية
● تتحرك بالاتجاه المعاكس لدوران الشمس
● توجد علاقة واضحة بين التردد والطول الموجي
● يقتصر وجودها بالقرب من منطقة الاستواء
● سعة تدفقها صغيرة تجعل اكتشافها أمراً غاية في الصعوبة
● دورة حياتها عدة شهور
● تساهم بشكل كبير في توفير نصف الطاقة الحركية للشمس
خواص أمواج "روسبي" الأرضية
● توجد في خطوط العرض المتوسطة للغلاف الجوي والمحيطات
● لها دور مهم في تشكيل ملامح الطقس
التحليل والتأكيد
أجرى العلماء تحليلاً للبيانات التي جرى جمعها بين عامي 2010-2016 عبر المصوّر المغناطيسي والزلزالي الشمسي المركب على المرصد الديناميكي الشمسي التابع لوكالة "ناسا". وتطلبت الدراسة رصداً دقيقاً للشمس على مدى عدة أشهر.
وتم تتبع الحبيبات الشمسية الفائقة للكشف عن التدفقات الدوّامية الكامنة الأكبر حجماً، والمرتبطة بأمواج "روسبي". ومن جانبه، قال بيورن لوبتين، أحد علماء معهد "ماكس بلانك"، والمؤلف الأول للورقة البحثية: "تمتاز صور المصوّر المغناطيسي والزلزالي الشمسي بدقة فضائية عالية تتيح متابعة حركة حبيبات طبقة الفوتوسفير على السطح المرئي للشمس. وتعتبر هذه الحبيبات الشمسية خلايا صغيرة للحمل الحراري بقياس تقريبي 1500 كيلومتر على السطح الشمسي.
وتم اعتماد علم الزلازل الشمسية، والمعني بدراسة المناطق الداخلية للشمس استناداً إلى الأمواج الصوتية الداخلية للشمس، للتحقق من النتائج وملاحظة أمواج "روسبي" الشمسية في أعماق تصل حتى 20 ألف كيلومتر. وأكد جيزون: "يظهر التوافق واضحاً بين نتائج علم الزلازل الشمسية والتتبع الحبيبي".
وقال كاتيبالي آر. سرينيفاسان، الباحث الرئيسي في مركز علوم الفضاء بجامعة نيويورك أبوظبي: "لم نتوصل حتى الآن إلى معرفة الدور الحقيقي الذي تلعبه أمواج "روسبي" في الشمس، ولكننا ندرك عدم إمكانية تجاهلها في الدراسات المستقبلية، ويسهم وجودها في مساعدتنا على فهم الحمل الحراري الشمسي وفق أكبر المقاييس الفضائية، والذي لا يزال أمراً غير مفهوم بشكل جيد. وثمة صعوبة بالغة في العثور عليها نظراً لانخفاض مستويات الإشارة، ومع ذلك، نجح فريق البحث في اكتشافها نتيجة استخدام تقنيات متطورة لمعالجة البيانات".
وقال فابيو بيانو، عميد جامعة نيويورك أبوظبي: "نتوجه بالتهنئة لفريق الباحثين، ومن بينهم البروفيسور لوران جيزون، الباحث الرئيسي من جامعة نيويورك أبوظبي، لعملهم المشكور والمتميز في تحقيق هذا الاكتشاف المهم الذي يؤكد وجود أمواج "روسبي" على الشمس. ويدير مركز علوم الفضاء في الجامعة برنامج أبحاث وتوعية بمستوى عالمي في مجال علوم الشمس والنجوم والكواكب خارج المجموعة الشمسية. وفضلاً عن كونه وجهة متميزة للنشاط الفكري داخل جامعة نيويورك أبوظبي، سرعان ما تحوّل المركز إلى مصدر مهم لدعم قطاع الفضاء الذي يحظى باهتمام كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة".
ويأتي هذا الاكتشاف المهم بمثابة دعم واضح لمسيرة التوسع المتميزة التي يشهدها مركز علوم الفضاء في جامعة نيويورك أبوظبي وصولاً إلى عام 2023 عبر معهد أبحاث جامعة نيويورك أبوظبي.
الشكل: أمواج "روسبي" الشمسية عبارة عن أمواج دورانية تتحرك بعكس اتجاه دوران الشمس. وتمتاز التدفقات المصاحبة بسعات تقدر في ذروتها بنحو متر واحد في الثانية ضمن المناطق الاستوائية للشمس. الصورة: معهد ’ماكس بلانك‘ لأبحاث النظام الشمسي.
مقطع الفيديو: انتشار أمواج "روسبي" الشمسية في إطار الدوران المشترك للشمس. عرض لثلاثة أوضاع مع الترتيبات السمتية 3، 7، و11. الصورة: معهد ’ماكس بلانك‘ لأبحاث النظام الشمسي.