تسلّمت جامعة نيويورك منحةً من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية بقيمة 2.1 مليون دولار بهدف دراسة العوامل القائمة وراء ارتفاع مستوى سطح البحر، وهو تطور شغل العلماء خلال العقود الأخيرة لما يحمله من تنبؤات بحدوث اضطرابات عالمية نتيجة ظاهرة تغير المناخ.
ومن المقرر أن تتركز هذه البحوث حول نهر ’ثويتس‘ الجليدي الذي يُعتبر جزءاً من الصفيحة الجليدية الغربية في القطب الجنوبي، حيث سيتولى إجراء الدراسة مختبر ديناميكيات السوائل البيئية بجامعة نيويورك ومركز التغيرات الحيوية في مستوى سطح البحر التابع لجامعة نيويورك أبوظبي تحت إشراف بروفيسور في معهد كورانت للعلوم الرياضية ديفيد هولاند.
وتأتي المنحة في إطار تعاونٍ دولي جديد يتركز حول نهر ’ثويتس‘ الجليدي بميزانية تبلغ 25 مليون دولار، وذلك بقيادة مجلس بحوث البيئة الطبيعية (NERC) ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، حيث يهدف هذا التعاون إلى الاستعانة بخبرات العلماء لجمع البيانات اللازمة لدراسة مدى احتمالية انهيار النهر الجليدي خلال العقود أو القرون القليلة القادمة.
وبهذا الشأن، قال وزير العلوم في المملكة المتحدة سام جييما: "يعدّ ارتفاع مستويات البحار مسألة عالمية ملحة لا يمكن لدولة واحدة التصدي لها بمفردها، حيث سيتسبب ذوبان نهر ’ثويتس‘ الجليدي في زيادة منسوب البحار، ومن الضروري دراسة احتمالية انهياره في القرن القادم. وباعتبار استراتيجيتنا الصناعية قائمة في صميمها على العلوم والبحوث والابتكار، سيمثل البرنامج البحثي البريطاني الأمريكي أكبر حملة ميدانية من نوعها، ويسعدني مشاركة كبار العلماء حول العالم في هذه الجهود الهادفة".
ومن جهته، قال المدير المساعد لمديرية العلوم الجيولوجية التابعة لمؤسسة العلوم الوطنية وليام إيسترنج،: "تظهر الأقمار الصناعية تغيراتٍ متسارعة في منطقة ’ثويتس‘، ولكن الإجابة عن الأسئلة الأساسية حول مدى السرعة التي ستغير بها مستوى سطح البحر في المستقبل سيتطلب من العلماء على الأرض الاستعانة بمعدات متطورة لجمع البيانات اللازمة لقياس معدلات تغير حجم الجليد أو الكتل الجليدية. ولا شك أن تنفيذ عمل ميداني بهذا النطاق والحجم في هذه المواقع النائية يشكل تحدياً هائلاً، وما من سبيل آخر أمام دول العالم إلا التعاون مع بعضها البعض وتقديم مواردها العلمية واللوجستية لتمكين الدراسات الميدانية المعقدة والشاملة".
ويعد التعاون الدولي لدراسة نهر ’ثويتس‘ الجليدي أكبر مشروع مشترك تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا في القطب الجنوبي منذ انتهاء مشروع رسم خرائط في شبه الجزيرة القطبية الجنوبية في أواخر أربعينات القرن الماضي. وسيقود العملية البحثية كل من البروفيسور هولاند وعالم المحيطات كيث نيكولز من "هيئة مسح أراضي القطب الجنوبي البريطانية".
ووفقاً للتقديرات الصادرة عام 2017، سيؤدي انهيار كامل الصفيحة الجليدية الغربية للقارة القطبية الجنوبية إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 10 أقدام، وهو ما يكفي لغمر مناطق ساحلية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك مدينة نيويورك.
وتسبب نهر ’ثويتس‘ الجليدي، الذي أنتج كتلة مياه تعادل حجم بريطانيا العظمى أو ولاية فلوريدا تقريباً، في حوالي 4% من ارتفاع مستوى سطح البحر عالمياً، وهو ضعف الحجم الذي تم تسجيله في أواسط تسعينات القرن الماضي.
وقد أدرك الباحثون منذ فترة طويلة أن السبيل إلى فهم وتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر يكمن في كيفية تفاعل الجليد والمحيطات تحت الجروف الجليدية في القطب الجنوبي، ولكن الغموض لا زال يحيط بالعديد من التفاصيل في هذا السياق.
وأضاف هولاند: "إن افتقارنا إلى فهم نظام ’ثويتس‘ ككل يكشف عن وجود ثغرة كبيرة في معرفتنا ببيانات تراجع الصفيحة الجليدية الغربية من القطب الجنوبي وتأثير المحيطات على هشاشتها والعواقب الأكبر المترتبة على مستويات سطح البحر".
وتعتزم جامعة نيويورك وجامعة نيويورك أبوظبي توفير الأدوات والخبرات اللازمة لدعم هذا الجهد الرائد بهدف تقديم توقعات دقيقة وذات مصداقية لتغير مستوى سطح البحر خلال القرن الحالي.
كما سيضم فريق هولاند باحثين من أربع جامعات أخرى منهم سريدهار أناندا كريشنان من جامعة بنسلفانيا، وجون بادين من جامعة كنساس، وإيريك ريجنوت من جامعة كاليفورنيا في مدينة إبرفاين. وبريتني شميت من معهد جورجيا للتكنولوجيا.
وسيشمل المشروع علماء من كوريا الجنوبية وألمانيا والسويد ونيوزيلندا وفنلندا. وهو يحظى بدعم منحة مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية رقم 1739003.