أعلنت جامعة نيويورك أبوظبي عن توصل مجموعة من الباحثين من طلاب وأعضاء هيئة تدريس الجامعة إلى اكتشاف علمي مهم عن أحد أهم الأسماك التجارية المعروفة في منطقة الخليج العربي، حيث تبيّن أن أسماك الهامور برتقالية النقط والمعروفة باسم الهامور ويتم بيعها عادة وتسويقها باعتبارها فصيل واحد من الأسماك تشمل في الواقع ثلاثة أنواع مختلفة من الأسماك.
وتتم إدارة أسماك الهامور وبيعها حالياً باعتبارها نوعاً واحداً في الأسواق المحلية وهو ما يعرف بنوع (coioides Epinephelus). وهناك دلائل على الإفراط في صيد الهامور في المنطقة حيث يتم استغلال هذه الثروة السمكية ضمن معدل يقدر بستة أضعاف المستوى المستدام. وفي دراسة جديدة نشرت في نشرة حول التلوث البحري، توصل الباحثون في جامعة نيويورك أبوظبي بقيادة الخريجة من دفعة 2015 ريمي كيتشوم خلال فترة تواجدها في الجامعة، إلى معطيات جديدة عن التنوع الوراثي لأسماك الهامور في محاولة منهم لتحليل تكوين هذه الأسماك التي يتم تسويقها في دولة الإمارات العربية المتحدة تحت اسم الهامور وذلك بهدف دعم استراتيجيات إدارة هذه الثروة السمكية وتوليد مؤشرات جزيئية لاستخدامها في تحديد ورصد الأنواع.
وقد قام الباحثون في جامعة نيويورك أبوظبي بسَلسلة وتصنيف الحمض النووي للمتقدرات من 140 عينة أنسجة تم جمعها من أربعة أسواق للأسماك. ثم قاموا بتحليل البيانات ليكتشفوا وجود ثلاثة أنواع مختلفة من سمك Epinephelus يجري تسويقها وبيعها باعتبارها نوع واحد وهو الهامور.
وحول هذا الاكتشاف، قال جون بيرت، الأستاذ المساعد في علم الأحياء بجامعة نيويورك أبوظبي: "إنها المرة الأولى على مستوى الخليج العربي التي يتم فيها تطبيق هذا النهج الوراثي لدراسة سمك الهامور، الذي يعد واحداً من أهم أنواع الأسماك المطلوبة في المنطقة. وقد كانت النتائج مفيدة للغاية حيث تبين لنا أن ما يتم تسويقه على أنه نوع واحد تحت اسم الهامور، هو في الواقع ثلاثة أنواع منفصلة ومختلفة. هذه الأنواع تبدو متشابهة، لكنها مختلفة وراثياً عن بعضها البعض. هذا الاكتشاف سيترك أثراً بالغ الأهمية في عملية إدارة الثروة السمكية حيث كانت تتم جهود الإدارة سابقاً مع افتراض وجود نوع واحد فقط والآن يجب أن تتوسع هذه الجهود لمراعاة الفروق المحتملة في الطبيعة الحيوية المختلفة لهذه الأنواع الثلاثة."
من جهته، قال يوسف إيداغدور، الأستاذ المساعد في علم الأحياء بجامعة نيويورك أبوظبي:"يوفر هذا البحث معلومات مهمة جداً وضرورية عن التركيب الجيني لأنواع الهامور في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع وجود عوامل مثل معدلات تغير المناخ والاستغلال المفرط للثروات والضغوط البيئية الأخرى في المنطقة، يرزح التنوع البيولوجي والاختلاف الجيني لأنواع الكائنات البحرية تحت الخطر الشديد. وتعزز هذه النتائج أهمية الرصد الجيني في ممارسات الإدارة المستدامة للثروات السمكية."
وفي تعليقها على الدراسة، قالت ريمي كيتشوم خريجة جامعة نيويورك أبوظبي من دفعة 2015: "تبرز هذه الدراسة قيمة ودور استخدام التقنيات الوراثية على الكائنات الحية. من خلال واسمات الحمض النووي للمتقدرات التي توفر قيمة معرفية غنية، توصّلنا إلى أن هذه الأنواع الثلاثة لديها مستويات من التنوع الجيني مشابهة لأنواع هامور أخرى مهددة بالانقراض وأن اثنين من هذه الأنواع لا يتواجدان بكثرة في دولة الإمارات. وآمل أن تساعد هذه النتائج في إدارة الثروة السمكية وحثّ الناس على اختيار نوع أكثر استدامة من الأسماك للاستهلاك."
ووفقاً للباحثان المشاركان في المشروع من أعضاء هيئة التدريس بيرت وإيداغدور، فإنه لأمر لافت حقاً أن يتم هذا النوع من الأبحاث بقيادة طلاب جامعيين في مرحلة التخرج.
وقال بيرت: "لقد تحقق هذا البحث الثوري إلى حد كبير بفضل العمل الجاد والمجهود الرائع وإبداع أحد طلاب جامعة نيويورك أبوظبي." وأضاف: "إنه لأمر نادر في معظم الجامعات أن يقوم طالب جامعي بإنتاج بحوث جديرة يتم نشرها. ونحن فخورون للغاية بجهود الطالبة كيتشوم الرامية إلى تعزيز معرفتنا حول نوع من الأسماك بهذا المقدار من الأهمية الاقتصادية والثقافية بالنسبة إلى دولة الإمارات."
وتابع إيداغدور: "لقد كان هدفنا في البداية التركيز على نوع واحد من الأسماك ولكن خلال قيامنا بهذه العملية، وفي لحظة إبداع وعلى نهج كبار المخترعين صرخت السيدة كيتشوم "وجدتُها" عندما نظرَت للمرة الأولى إلى البيانات الجينية واكتشفت وجود ثلاثة أنواع في مجموعتها. وتعتبر هذه النتائج دليلاً على قدرات الطلبة الجامعيين وما يمكنهم تحقيقه من ابتكارات ثورية."
إن فهم أنماط التنوع الجيني في أنواع الأسماك أمر ضروري للحفاظ على الثروة البحرية، لأنه يتيح للباحثين تحديد الآثار المترتبة والضغوط البيئية الناجمة عن الإفراط في صيد الأسماك ويعزز معرفة الهيئات الحكومية المختصة التي تدير تدابير الحماية الخاصة بأنواع الأسماك.