في أحدث إنتاجاته الإبداعية، يُقدّم مسرح ميتو "خواريز: وثائقي الأسطورة" ليُسلّط الضوء على مدينة حدودية في شمال المكسيك تدعى سيوداد خواريز. ويصل هذا العمل المسرحي إلى أبوظبي مع خمسة عروض من 7 إلى 10 مارس في حرم جامعة نيويورك في أبوظبي في وسط المدينة. فبعد أن كانت خواريز مدينة حدودية مزدهرة، باتت تُعرف باسم "عاصمة الجريمة" في عام 2009 بسبب تفشّي ظاهرة العنف الشديد وآفات الفقر والفساد في المدينة حيث أصبحت مفترق طرق في حرب المخدرات بين الولايات المتحدة والمكسيك. والمفارقة الملفتة أنه على الجانب الآخر من الحدود تقع مدينة الباسو، تكساس التي توصف بالمدينة الأكثر أمناً في أمريكا.
ويروي "خواريز: وثائقي الأسطورة" حكاية أمل وخوف وصراعات البقاء في بقعةٍ يسعى سكانها المحليين للحفاظ على هويتهم كي لا يردمها غبار التغيرات التي طرأت على مجتمعهم. وقد نشأ مخرج العمل وهو مدير برنامج المسرح في جامعة نيويورك أبوظبي والمدير الفني لمسرح ميتو، روبين بوليندو، في هذه المدينة فكانت له مصدر إلهام حيث شهد من مسافة بعيدة تحولاً جذرياً لمدينة الحدود التي مزّقتها الجريمة وغيّرت معالمها أعمال العنف المرتبطة بالمخدرات.
وبهذا الصدد قال بيدرو: "أحسست أنه أصبح من الضروري أن أبدأ رحلة بحث وتحرّي للتعمق في هذا الوضع وتقديمه للجمهور لا كخبر تقليدي بل كقصة كفاح وأمل يعيشها هذا المجتمع. وبدلاً من تقديم هذا العمل كمسرحية أو قصة من عالم الخيال، قمنا بتجربة واقع المدينة وأجرينا مقابلات مع السكان من مختلف الفئات على مدى السنوات الثلاث الماضية."
ويجمع هذا العمل بين البحث الصحفي والفنّ القصصي حيث يعرض مجموعة من المقابلات مع سكان مدينتي خواريز والباسو، ويشمل فئات متنوعة من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة، فلم يستثني هذا البحث أحداً من سياسيين وأصحاب محلات وأشخاص عاديين. وأجريت هذه المقابلات من قبل ممثلي العمل أنفسهم الذين قاموا بتجسيد الشخصيات حيث تمكّن الممثلون من خلال قيامهم بمهمة الباحثين من ملامسة واقع المدينة والاقتراب من سكانها ممّا صبغ العمل بلمسة تعبيرية حقيقية وصادقة.
وأضاف بوليندو: "هذا النهج يدمج بين الأعمال التاريخية والعاطفية من خلال نوع جديد من المشاركة للممثل في العمل فهو لا يؤدي الأدوار بصدقية الممثل فحسب بل يقوم أيضاً بدور الباحث الذي يعيش واقع هذه المجتمعات بصراعاتها وطموحاتها ليعكس من خلال أدائه في العرض أرشيفاً واقعياً عن هذه المدينة."
وينقسم العمل إلى ثلاثة فصول وهي الذاكرة والعنف والتغيير، ويعالج الموضوع بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية المباشرة التي تستخدم عادة في الأعمال الوثائقية المسرحية فيؤخذ الحضور في رحلة فنية فريدة تغمرها المشاعر الإنسانية الصادقة.
وعقب بوليندو قائلاً: "بدلاً من أن يأخذ العرض أسلوب المونولوج، ارتأينا تقديم هذا العمل كعمل تشكيلي فني. نحن لا يمكننا أن نريكم هذه المدينة كما يفعل صناع الأفلام لكننا بهذا العمل المسرحي استطعنا أن نأخذكم إلى قلب خواريز لتعيشوا تفاصيلها وتتفاعلوا مع سكانها."
وقال الباحث والممثل في هذا العمل أيسان سيليك وهو أستاذ في جامعة نيويورك أبوظبي أنه على الرغم من مواجهة مشقة شديدة، إلا أن العديد من الأشخاص الذين قمنا بمقابلتهم أبدوا رغبتهم في التحدث عن التطورات والتغيرات الإيجابية في المجتمع.
وأضاف: "يظهر هذا المجتمع مرونة كبيرة في التكيف مع ظروف الحرمان والقهر وقدرة خارقة على تقديم قيمة حقيقية من لا شيء. فالكثيرون، على الرغم من عدم توفر المال يستطيعون إيجاد سبل مختلفة للبقاء والمضي في رحلتهم."
وعلى الرغم من تركيز هذا العمل على تجربة مدينتي خواريز والباسو الواقعتين على طرفي الحدود إلا أنه يعالج الحالة التي تمرّ بها أي مدينة في مراحل التغيير والنضال متجاوزاً الحدود الجغرافية ليتعمق في الحدود الإنسانية التي تفرّق الأفراد وتفصل بين المجتمعات.
وحول هذا العمل، قال الممثل والباحث دينيس بوتكوس: "يستعرض هذا العمل أمام المشاهد مجموعة من الأسئلة والعبَر ويركز على بثّ مشاعر التعجب والانبهار الذي بقدر ما ينطبق على حالة خاصة مثل خواريز، يمكن تعميمه على أي مجتمع إنساني ".
وقد عُرض "خواريز: وثائقي الأسطورة" للمرة الأولى في سيوداد خواريز والباسو في الصيف الماضي، قبل أن ينتقل إلى نيويورك. وبعد عرضه في أبوظبي، من المقرر أن ينتقل إلى القاهرة، ومن ثم يعود إلى الولايات المتحدة. يمكن للجمهور الاطلاع على أوقات العرض والتسجيل للحصول على تذكرة مجانية لعروض أبوظبي على الموقع التالي nyuadjuarez.eventbrite.com