أفتتح اليوم في جامعة نيويورك أبوظبي مختبراً العلوم اللغوية العصبية المزود بجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي MEG، والذي سيمكن الباحثين من فهم نوعية النشاط الدماغي المرتبط بمختلف العمليات المعرفية. ويهدف المعمل إلى تطوير العلوم المعرفية حول الآلية العصبية التي يصدرها الدماغ البشري لإصدار اللغة التي يتحدث بها الانسان، وذلك بدءاً من المستويات الأساسية لتكوين الكلمات من شكلها الأصلي الذي يوصف لغوياً بالمصدر، وحتى قيام الدماغ بعمليات أكثر تعقيداً لتكوين الجُمل.
ويعد جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي MEG الأول من نوعه في منطقة الخليج، وأحد الأجهزة القليلة التي تم انتاجها في العالم، وهو على درجة كبيرة من التعقيد التقني الذي يقوم بمسح الدماغ البشري بدون التأثير على وظائف المخ، وهو قادر على تتبع التقلبات المغناطيسية الدقيقة الناتجة عن ردود الأفعال العصبية في الدماغ بدرجة حساسية فائقة الدقة، ودرجة وضوح عالية بقياس الملي ثانية. وتقوم مجسات الجهاز المثبتة على 200 نقطة داخل غطاء معزول حرارياً يغطي الرأس بالأكمل على شكل قبعة ليس فقط لتتيح للجهاز مسح مستوى النشاط، ولكن أيضاً رصد عمل الدماغ أثناء النشاط المعرفي. وقد قامت مؤسسة كانازاوا التقنية بصناعة هذا الجهاز خصيصاً لجامعة نيويورك أبوظبي، إضافةً لإتاحة الفرصة لفرق البحث لإدخال تحسينات على تصميمه بحسب المتطلبات الخاصة للمشاريع التي يقوم المعمل على انجازها.
إن الأبحاث في هذا المجال يمكن أن تعود بالكثير من التطبيقات المخبرية ذات القيمة العالية، حيث أنها على قدر كبير من الأهمية لدعم كفاءة القدرات الكلامية الشخصية والعلاج اللغوي لمن يعانون من صعوبات النطق. فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال الرؤية العامة التي يوفرها الجهاز رصد كيفية عمل دماغ الأفراد المصابين بمرض التوحد عند عملية إكتساب اللغة مما يساعد على استنتاج تشخيص أكثر فاعلية وصولاً إلى علاج مناسب لأي حالة.
ويحتوي قسم اللغويات في جامعة الإمارات على مجموعة من الباحثين،الذين ينصب اهتمامهم على دراسة اللغة العربية ولغات أخرى من الناحية العصبية والتنموية . وتهدف عملية تعاون المختبرين الى تعزيز مكانة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة في مجال البحوث متعددة التخصصات في علم اللغويات.
وقد وقع المعمل اتفاقية شراكة مع معمل العلوم اللغوية العصبية التابع لجامعة الإمارات العربية المتحدة وذلك بغرض تبادل المصادر والخبرات التقنية والتعاون البحثي.
يترأس المعمل الجديد الدكتور أليك مارانتز استاذ اللغويات والطب النفسي بجامعة نيويورك ، مع فريق من الباحثين من الجامعة أيضاً، يتضمن طالبة الدكتوراه ميرا الكعبي، بالإضافة إلى الدكتور سامي بودلاعة، الأستاذ المحاضر في علم اللغويات بجامعة الإمارات ،والمدير المساعد لمعمل العلوم اللغوية العصبية، والدكتور علي الإدريسي، الإستاذ المشارك في اللغويات في جامعة الإمارات، والذان سيكونا أيضاً عضوان في فريق البحث.
وقال الدكتور مارانتز: "كان لدينا الكثير من الدوافع للبدأ في هذا المشروع في أبوظبي حيث يتوفر عدد كبير من المتحدثين بلغات مختلفة، الأمر الذي يوفر لنا عينات فريدة من نوعها. مما سيمنحنا أيضاً فرصة دراسة اللغة العربية على وجه الخصوص، بكل ما فيها من خصائص تنفرد بها من حيث بناءها اللغوي، والطريقة المختلفة
التي تكتب وتنطق بها، حيث أنه لا تتوفر أبحاث سابقة تركز على هذا النوع من البناء اللغوي، ولهذا نعتقد أن أبحاثنا هنا ستأتي بنتائج على قدر كبير من القيمة النوعية تضاف إلى معرفتنا العملية للغات المنطقة."
من جانبه قال الدكتور سامي بودلاعة، الأستاذ المحاضر في علم اللغويات بجامعة الإمارات: "إن هذه الشراكة بين معملي جامعة الإمارات العربية المتحدة وجامعة نيويورك أبوظبي ستساعدنا على انجاز أهدافنا جميعاً باتجاه تطوير نظريات علمية ومشاريع بحثية مخبرية في مجال اللغويات. بالإضافة إلى تضافر جهودنا التي ستساعد على ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز بحثي رائد في مجال العلوم العصبية المعرفية. حيث أن هنالك امكانيات كبيرة ضمن نوعية الأبحاث التي نقوم بها والتي يمكن أن يستفاد منها في مجالات أخرى كعلوم الحاسوب وعلوم الإنسان الآلي، والسياسات التعليمية والعلاجية في اللغويات."
ويضم فريق الباحثين كل من الدكتور أليك مارانتز استاذ اللغويات والعلوم النفسية بجامعة نيويورك ، والدكتور ديفيد بوبيل استاذ الطب النفسي والعلوم العصبية بجامعة نيويورك ، والدكتورة لينا بايلكانين استاذ اللغويات المساعد والطب النفسي بجامعة نيويورك ، والدكتور ديوجو ألميدا، الإستاذ المساعد في علم النفس والأحياء بجامعة نيويورك ، الدكتور سامي بودلاعة، الأستاذ المحاضر في علم اللغويات بجامعة الإمارات والمدير المساعد لمعمل العلوم اللغوية العصبية، والدكتور علي الإدريسي، الأستاذ المشارك في اللغويات في جامعة الإمارات، وطالبة الدكتوراه ميرا الكعبي. وسوف يتم دعوة عدد من الطلبة من كل من جامعة الإمارات العربية المتحدة وجامعة نيويورك أبوظبي للمشاركة في المبادرات البحثية على مستويات متفاوتة.