تقدّم مساحة المشروع في جامعة نيويورك أبوظبي أعمال الفنانة وعضو هيئة التدريس لورا شنايدر في معرضها الفردي استذكار والمفتوح لعامة الجمهور خلال الفترة من ٢٤ سبتمبر وحتى ٧ أكتوبر ٢٠١٩. وقد أُلهِمَت الفنانة عنوان المعرض استذكار بعد علمها بوجود حالة طبية تدعى “فرط الاستذكار”، وهو ما تزامن مع تأملات الفنانة حول دور الذاكرة الذاتية في أعمالها. إذ يستطيع الأشخاص المصابون “بفرط الاستذكار” تذكُّر كافة تفاصيل حياتهم بدقة. وترى شنايدر أن “أولئك منا ممن لا يمتلكون هذه الحالة ربما قد ينسون أكثر مما يتذكرون، ولا يبقى لهم سوى محاولة ملء تلك الفجوات في الذاكرة.”
يشتمل المعرض على رسوم متعددة الوسائط ومنحوتات وإسقاطات ضوئية، إضافة إلى مشروع مستمر بعنوان “أرشيف الذاكرة الأولى”، والذي يُقدَّم في هذا المعرض في هيئة كشك للهاتف. فقد سجلت شنايدر على مدار السنوات الخمس الماضية ذكريات صوتية لأفراد مجهولين من جميع أنحاء العالم شاركوا من خلال رواية ذكرياتهم الأولى. وبإمكان زوار المعرض كذلك تسجيل ذكرياتهم الخاصة في مقصورة هذا التركيب الفني، مساهمين بذلك في تمكين الفنانة للتأمل في عملية سرد السيرة الذاتية. وإلى جانب أرشيف الذاكرة الأولى، يقدّم المعرض السلسلة الفنية المستمرة استذكار ، والتي تستخدم فيها الفنانة مجموعة من الوسائط المختلطة والرسوم لدراسة الصور العائلية لوالدتها وإخوتها خلال طفولتهم، إضافة إلى رسوم لحيوانات شبه خيالية.
ومن خلال هذه الرسومات، تتأمل شنايدر في فكرة مقدرة الفرد على تكوين ذكريات زائفة حول “الذكريات التي مر عليها بعض الزمن”. وقد صاغت الفنانة هذه العبارة لوصف ذكريات الفرد الموروثة، أي تلك التي تعود إلى فترة سبقت ولادة الفرد أو قد حدثت في طفولتهم المبكرة قبل مقدرتهم على التذكر. وتستكشف الفنانة في هذا المعرض إمكانية اختلاقها هي الأخرى لهويتها الخاصة في ما يتعلّق بحياتها ما قبل مرحلة تكوين السيرة الذاتية، إلى جانب احتمال عمل ذكرياتنا الخاصة بذات الطريقة كذلك. وتهتم شنايدر بإمكانية أن تكون “ذاكرتك حول حدث ما هي ليست في الواقع سوى ذكرياتك لآخر مرة تذكرت فيها هذا الحدث، وليس وقائع الحدث الفعلي ذاته”.
وتفسّر شنايدر هذا المفهوم قائلة:
“نحن لا نفسر الذكريات الموجودة في هذه الصور كحقائق موضوعية، ولكننا نفسرها وفقاً لخصائص شخصيتنا وحالتنا الذهنية.”
تنبع الحيوانات الغريبة، من ناحية أخرى، من رسومات لفنانين-علماء سعوا إلى توثيق العالم الحالي قبل يصبح التصوير أداة متاحة. وبدلاً من اعتبارهم الرسومات كأدوات للتوثيق، أنتج الفنانون-العلماء رسوماتهم بناءً على ذكريات للمحات عن تلك الحيوانات من بعيد، أو بناء على أوصاف الآخرين لها، ليرسموا بالتالي حيوانات وهمية لا توجد على أرض الواقع.
وتوضح شنايدر كذلك عمل سلسلة استتذكار أيضاً على: “ربط الذاكرة والحقائق المضمحلة بتغيّر المناخ من خلال تصوير الحيوانات المنقرضة والمهددة بالانقراض جنباً إلى جنب مع الصور التي تعود إلى قرون مضت.”
نبذة عن الفنانة
لورا شنايدر محاضِرة في الفنون البصرية بجامعة نيويورك أبوظبي. بتوظيفها مختلف التخصصات، تتحدى ممارساتها الفنية الروايات الشخصية والتاريخية من خلال تصوير تعقيدات الذاكرة واللغة والأرشيف والذات. شنايدر حاصلة على درجة الماجستير في الفنون الجميلة بتخصص في العدالة الاجتماعية (جامعة نيويورك، 2011) ودرجة الماجستير في الفنون الجميلة في الممارسات الفنية الرقمية والمتعددة التخصصات (سيتي كوليدج، 2015). قامت شنايدر بالتدريس منذ عام 2011 في العديد من المواقع ومنها السجون ومراكز إخلاء السراح المشروط والمدارس العامة والكليات. شنايدر هي أيضاً فنانة مقيمة منذ فترة طويلة في صالة Invisible Dog الفنية (بروكلين، نيويورك)، وقد استمتعت بعرض الأعمال في مواقع رائعة منها نيويورك وبرلين والبندقية وسيدني والميريا والشارقة وساو باولو وأبوظبي ودبي.